حواء الطبخ وحواء النفخ !بقلم الاستاذ فوزي صادق
بعض العـرب الآدميـين يرون بعين واحدة ، صفة ( الأعور ) الهجائية ، و( كريم العين ) الأخلاقية ، إنهم يثرثرون ويكتبون ( بلا إنصاف )
عن ماهية وكينونة المرأة في ميزان ( العقل والدين ) ، وموقعها من الإعراب الاجتماعي بين الكـفتين ! فوصفت بالتواتر ( كما هم ينظرون
ويفكرون ) على المنابر وخلف مكبرات الصوت ، إنها ( ناقصة عقل ودين ) ، حتى دأبت الأقلام الباهظة ، وسهرت العقول الهابطة ، على إسقاط ( دور ) و ( قيمة ) و ( حق ) الشريك الأزلي لآدم .
بالأمس نهاراً جهارا ، وقبل مدفع الإفطار وجهير نفحات الآذان ، كنت مستقلاً سيارتي ( مضطر ) داخـل السوق برفقة شريكتي حواء لشراء
بعض الحاجيات ، وكان الراديو ( الإف أم ) ينقل على الهواء ( سين جيم مع شيخ ) ، قيل إنه ذو شهادات علمية جامعية وخريج أروقة دينية
، فـُطرح عليه سؤالاً من مستمع يمكنك أن تقول ( بعد تحليل وقع صوته ) ، إنه مريض قد خرج للتو من بيت العنكبوت و سراديب الظلام ،
ومن أيام عصر الدونق والأوقية ( بكم هذا يا أبا دلامة ؟ ) : سيدي جناب الشيخ (المتصل يسأل ) : المعروف إن الإسلام قال (المرأة ناقصة عقل ودين ) ، الهذا السبب لم تعطى دوراً ريادياً وقيادياً في السابق؟
فتـفـوه الشيخ بما جادت به فصاحة وحصافة لبه من فهمه للحديث عن النبي ( ص ) : (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل
الحازم من إحداكن) فرمى شيخنا الفصيح حسب فهمه للحديث، كلمات دونية ( نارية ) بمنجنيق لسانه السليط ، فخرجت منه قنبلة تلو
الأخرى ، وكررها ولعدة دقائق : إنها ناقصة عقل ودين .. إنها ناقصة عقد ودين حتى النخاع ! وكأنه يتحدث عن كرسي خشبي ، حتى
الكرسي ! ( يوما ما كان خشبة من شجرة ، والأشجار والحيوانات تسبح لله ليل نهار وهذا من كمال وعدل الدين ) . المهم أقتصر الشيخ
الجليل دور ( حواء ) وكما أوقفتها السماء لأدم ( للطبخ والنفخ ) فقط ، حتى والله أني شككت في نفسي ! فألقيت بنظرة خاطفة على شريكتي
، لعلي أجد معها عظمة ديناصور ، فربما مازلنا في عصر الكهوف ! إنه الرجل الذي طالما قبلها في ( مخيلته ) كخادمة مؤنسة نديمة في
كنفه القديم .
فهززت برأسي ورجعت لواقعي ، نعم أنا مازلت بالسوق ويداي مازالتا خلف عجلة القيادة، وما زلت انتظر الحصول على موقف لأركن به
سيارتي ، فأخذت الكلمات تذهب يمنة ويسرى في دهاليز عقلي : أيعي ما يقول هذا الشيخ ؟ ، هل فهم القرآن والسنة كما يريد الله ورسوله أو
كما يريد هو ؟ هل درس وفهم تكوين عقل وجسم المرأة ؟ هل عرف تكليفها الديني ؟ هـل ولج في أعماق فكرها ؟ هل وصل إلي حدود
قدراتها ؟ هل نبش بفأرة لبه الكمبيوتري مستودعات تاريخها وبصماتها ، وتخطى أسوار علمها ؟ وآخر سؤال : أيعقل أن الله الحكيم خلق
حاء للنفخ والطبخ والفراش ! .
الحقيقة .. مهما ( تناسيتم ) ولآذانكم ( أصممتم ) ، لن يقبل الرجل العاقل ( ذو اللب ) أن يعيش مع امرأة صماء لاحول لها ولا قوة ( تردد
الأمر والطاعة لك سيدي شهريار ) ، وتسقي الماء وتخبز الخبز نهاراً ، وتكون كالحمة على الفراش ليلاً ! هنا هي حقاً تكون ناقصة عقل
ودين ... هكذا أنتم خلقتم منزلتها في عقولكم من أيام جواري بغداد وعكاظ، وغرستم جذور تلك القاعدة في أذهانكم ، وكتبتم عنها بالغنج
والسمر في تراجم وتبيان كتبكم وصحفكم وإعلامكم ، وتفوهتم بها من فوق منابركم ، كما يفعل هذا المتشيخ .. فلتعلم أخي الذكر العاقل ( ذو
اللب ) إنها لم تغري أبانا آدم كي يأكل من الشجرة ويهبطا من الجنة ! بل هو إغواء من إبليس الرجيم ( لهما معاً ) وتبليس الأقاويل جاء من
الإسرائيليات التي بصمت الصفحات من كتبنا ( لتحط من قيمة حواء الحقيقة ) .. هيهات.. هيهات أن ننسى أو نتناسى إنسانيتنا الأولى ،
ودور حواء العظيم وفضلها في بقاء رأس آدم شامخاً ، فلولا إيمان وصبر وجلد وحنكة السيدات العظيمات كـ ( مريم وآسيا وفاطمة وخديجة
وزينب ) والكثير من الخالدات المؤمنات ، لما بقيت أمجاد يتربع عليها الرجل إلى يومنا هذا .
إنها شريكة الإنسان منذ القدم ، شريكة الرجل الزوج والأب والابن ، والكثير من كمائل الرجال الناقصة ، حيث صاحبته ، خدمته ، ساعدته
في السلم والحرب ، كيـّـفت عقـلها وجسمها كي تلبي طلباته ( ليكتملاً معاً .. لا أن تكمله لوحده ) ، فلبت نداءاته ، وبقيت مستيقظة لراحته ،
واستنفرت الطاقات لاستيعاب فكره المتأرجح بين الزيادة والنقص .
حتى بزغت على الإنسان شموس الديانات السماوية وأشرقت الأعراف الأخلاقية التنظيمية ، والتي أعطت دور ومكانة أكبر وأعظم لحواء ،
والتي ُخلقت من طين ( مثلها مثل زوجها آدم ) ، ولم تكن من ضلع أعوج كما مال ومازال يميل إلى ترديده أناس كستهم أغطية دارونية و
إسرائيلية ، فعصر يتبعه عصر ، وحضارات لحقتها أخرى ، وشعوب ترث من قبلها ، إلى أن دخل الإنسان حقبة مختلفة ، حقبة تحتضن
الإنسان خلقاً وفكراً ( آدم وحواء معاً ) ، وتصفهما بكنه الإنسان الآدمي الروحي ، لا بلغة الجلد القشري السائدة ساحقاً .. إنه وبكل فخر
عصر الإسلام المحمدي ، الذي وضع تاجاً مرصعاً على رأس المرأة ، والذي زينها بأخلاقها وتصرفاتها بغض الطرف عن شكلها ولونها ،
فجعلها ( دانه داخل صدفة التعاليم القيّمة )، تحافظ عليها من ضرب الأمواج السليطة ، ورسم لها خطوطاً قدسية ، ووضع لها دور أساسي
في مسيرة الإنسان وتقدمه ، فأصبحت مكانتها مساوية في محطة المساواة ، تنتظر حافلة الحقوق ( لتقـلها ) والتي وضع بنودها النبي الهادي
(ص ) ، لا التي وضعها الاعراف والتقاليد العرباوية الهمجية .. ونختم هرجنا بتفسير ( المرأة ناقصة عقل ودين ) بما قاله الإمام علي بن أبي طالب ( ع ) :
(( مَعَاشِرَ النَّاسِ إِنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الْإِيمَانِ نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلَاةِ وَ الصِّيَامِ فِي أَيَّامِ
حَيْضِهِنَّ وَ أَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَ أَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَى الْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ )) .
3:40:00 م |
Category:
تأملات
|
5
التعليقات
Comments (5)
كل الشكر استاذفوزي ..
بالفعل حواء تريد الاحترام الذي اعطاها اياه دينها وتكر عهد الجواري فقد رفع قدرنا الله ورسوله افلا نعتز بذلك ..
شكرا لموضوعك ..
السلام عليكم استاذ فوزي شكرا لموضوعك
شكرا للاستاذة فاطمة .....
بسم الله الرحمــن الرحيم
قال عليهالصلاةو السلام(من كان لهانثى لم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر عليها ولده عليها ادخله الله الجنة)
المرأة في ظل تعاليم الاسلام القويمة تعيش حياة كريمة
ومرورا بكل حال من احوال حياتها...
رعى حقها طفلة وحث على الاحسان اليها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( الا ستوصو بالنساء خيرا فانهن عون عندكم )
وهي اهل ثقة ومحل للاستشارة وهذا رسول الله اكمل الناس علما واتمهم رأيا يؤكد ذالك اذ قال صلى الله عليه وسلم(لاتنكح الأيم حتى تستأمر
ولا البكر حتى تستأذن في نفسها ))
الحمدلله على نعمة الاسلام
قال الله تعالى " وعاشروهن بالمعروف " النساء
قال تعالى "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما " النساء
وقال رسول الله " لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضى منها آخر " (رواه مسلم)
وهذا الحديث يعتبر قاعدة موضوعية ورحيمة وعادلة فى التعامل مع المرأة ، فطبيعتها – كما هى طبيعة الرجل – تحمل القابلية للخير والشر معاً ، فلا يتوقع الرجل منها خيراً مطلقاً بل يقبل منها خيرها شرها .الحمدلله على نعمة الاسلام..الحمدلله على نعمة الاسلام
ابن الاوراس كل الشكر على مرورك العبق وكلماتك المفيدة ..
الحمد لله على نعمة الاسلام ..
دمت بخير اخي .
والله مشكورة استاذتنا على الطرح
اهلا بك ..