اخفي ابتسامتي خلف اسوار قلبي ..او قد اظهرها لكن بحياء ..


عشت مع اسرتي المكونة من ابي وامي وثلاث اخوات جميلات ..
كنت سعيدا ومسرورا بحياتي فأنا الولد المدلل , صاحب الكلمة بعد والدي .
صحيح اني لم أتجاوز الثانية عشر لكني أتمتع بقلب كبير وعقل نبيه
يجعلني أفهم ما يدور حولي وأصلح أن يعتمد علي والدي في امور البيت الخاصة والعامة .
قد أتشاجر مع اخواتي لكني احبهن جدا وأعطف عليهن ..
هن الاصغر لكن هكذا ربما الشجار بسبب طيش الشباب وعبث الوقت
ثم يردعني صوت امي ..عيب يا خالد انت الاكبر وانت الرجل .
أتوقف حينها مبتسما بزهو ..نعم أنا الاكبر ..أنا الاعقل ثم أذهب عنهن .
هذه حياتي معهن اما مع امي فمهذب للغاية أستمع لنصحها وأعترف انها تستحق اكثر من هذا .
خرجت مع ابي في احد الايام لشراء بعض حاجيات البيت من فواكه وخضراوات وبعض الاطعمة ..كنت اراقبه في كل كلمة يتبادلها مع البائع وكل نظرة من عينيه يعرف فيها الحسن من السئ .
غرفت ان الحنكة هي مطلب الرجال ..
أنا في انتظار ابي داخل السيارة فقد اراد أن يشتري شئيا من المحل المقابل ,قال انتظرني يا خالد ..دقائق وسأعود .
بدأ بقطع الشارع ولم يصل للمحل الذي يريده فقد ارتطمت به سيارة مسرعه سقط فورا مضرجا في دمائه ...
خرجت مسرعا من السيارة ..اصرخ وانادي ..ابي ابي لكن عينيه الشاخصتين بقوة عرفتني ان ابي صار في عداد الموتى ..
عرفتني اني صرت ومن الان يتيما ..
ازدحم الناس حوله انتظارا وصول الاسعاف وحاولوا ابعادي عنه وانا متمسك به واصيح بكل قوة يعرفها الفتيان .
ابي ..لا تتركني ...ارجوك ..انا احبك احتاج اليك .
اتسخت ملابسي بدمائه ...وصلت سيارة الاسعاف لتقرر وفاته الفورية نتيجة الضربة القوية على رأسه وصدره ..
لكني لمحت العينين من اول لحظة .
اخذته سيارة الاسعاف للمستشفى واخذني احد الحاضرين في سيارتنا الى البيت ..كنت اصف طريق بيتنا وأبكي بشده ...فأنسى الطريق فجأة ثم اهدأ قليلا وأتذكر حتى وصلت
وصلت ..دخلت ...لم اتكلم ..ولم املك الا ان رميت نفسي في أحضان أمي وأنا أبكي ..
- خالد ماذا حدث ؟؟ما هذه الدماء ؟؟أين أبوك ؟
بكيت بقوة وصرخت ..صرت يتيما ياأمي ..يتيم ..
- ماذا ...أبو...ما...
لم تستطع امي اكمال حديثها ...سقطت على الارض مغشيا عليها فصرخت لا تموتي انت ايضا ..
خرجت في طلب الجيران فلا احد اقرب منهم هذه اللحظات .
دخلت جارتنا ام محمد ورشت ماء على وجه امي ففتحت عينيها وهي تبكي ..اه زوجي يا ام محمد ..زوجي مات ...
هدأت من روعها وذكرتها بالله وان عليها الصبر ..سقتها ماء واجلستها ..اخذتني انا واخواتي في بيتها لنبتعد عن جو البكاء والنحيب ..
كان اولادها يلعبون ..لا يدرون ماذا جرى لنا ..فهم لم يفقدوا اباهم مثلي ..
ذهب جارنا العم ابو محمد مع باقي اقربائي الى المقبرة لاكمال باقي الدفن قائلا هل ستأتي يا خالد ..
قلت نعم .
ذهبت معه وقد جفت عيوني من الدموع فلم يبقى شئيا اخرجه ...لقد بكيت بكاء مرا ...فقد فقدت سندي في الحياة ...
فقدت ابي وصرت يتيما ..
دفنت ابي ..اهلت عليه التراب وسقيته بماء عيوني المتبقي ..ضمني عمي ابو محمد ..
احسن الله عزائك يا بني كن رجلا ..كن كما رباك ابوك ..
ربت على كتفي فشعرت بيد باردة ..شعرت بمن يحملني مسؤلية ..شعرت بمعني كلمة اني رجل اكثر من اي وقت مضى.
عدت للبيت وبدأت اتحدث بلهجة الواثق من قوله ..
- امي الحمد لله على ما قدر ..هذا نصيبنا ان نعيش ايتاما لكن لا يعني هذا نهاية الحياه لنا يا مي ..
نظرت الي بعينين محمرتين وقبلتني بارك الله فيك يا خالد .
مضت ايام وشهور وانتهت امي من عدة الوفاة ...بدأنا نشعر اكثر ببعد ابي عنا فقد اقترب العيد واقترب موسم الفرح الذي اعتدنا ان نسافر فيه للمتعه والتغيير .
ذهبنا للسوق واشترينا ما يصلح لنا من ملابس العيد وعيوننا ترمق الاطفال يتشبثون بابيهم نريد هذا ونحب ذاك ..واخر يحمل طفلته بين يديه ..الجميع لديهم اباء الا نحن .
رحمك الله يا ابي كم سنفقد بسمتك وطلتك ورائحتك ..لن يصير لنا ابا مثلك لن يعوضنا احد ما فقدناه ...
اعتدت ان اتحمل البيت واصير مسؤلا عنه ادخر واقسط المبالغ التي تأتينا من الضمان الاجتماعي ومن ما ابقاه لي والدي من مال ..
كبرت وتعلكت حسن التصريف ..كنت ابا لاخواتي وتغيرت نظرتي لهن فلم اتشاجر معهن البي كل احتياجتهن ..
امي مسكينة صارت وحيدة هي الاخرى ..بلا زوج ...بلا انيس وزادت مسؤلية البيت والعيال من الثقل ..
لكني كنت اخفف عنها بقوتي وتحملي للمسؤلية وحسن قيادتي للمنزل ..
لكني كنت اخفي دموعي عنا .زفكل مساء لي حكاية مع الدموع ابكي كل مساء وابلل مخدتي ..
استمر الوضع بهذه الحالة حتى انهيت دراستي الثانوية ثم الجامعية وانا اشعر به ...
اشعر باليتم لاني ذقته مرا وقاعا امام عيوني الصغيرة ..
اخت عهدا على نفسي ان اهتم بامي اشد اهتمام وارعى اخواتي حتى يتزوجن فهن امانه في عنقي ..
كانت دعوات امي لي ترفع من معنوياتي وتشعرني بالرجولة التي ضربها سياط اليتم ..



التوقيع ....يتيم










Comments (14)

On 16 مارس 2010 في 1:54 م , غير معرف يقول...

سلام
الله يسامحك يافطوم
ناقصه بكي أنا من جد ماتحملت طلعت كل اللي برأسي
بس قصه حلوه ومؤئره الله يعطيك العافيه المره الجايه نبي قصص أطفال ( مو رومانسيه لانه مافيه حب بالوقت هذا علشان كذا أقول أطفال ) علشان أضحك شوي على نفسي وعلى القصه لاني ابي انسى الهموم مو أتذكرها

 
On 16 مارس 2010 في 2:00 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

هلا فيك ياغاليه الحب موجود والرومانسية موجودة لازم تعرفي هالشئ لا تشوفي الصفحة السوداء والمظلمة
الحياة حلوة وانا اعرض شئ من حلاوتها ومرارتها
قصتي كان غرضي التنبيه للايتام يعني منسيين ممكن تشوفي يتيم ما تمسحي رأسه مثلا تطبيق للسنة حتى يلين قلبك
برضه اقول اضحكي دائما وان شاء الله اوقف هاليومين
رحمة وشفقة بعيونكم مع ان الدموع قلنا غسيل ممتاز للعين لكن نزولا عند الرغبات بنضحك من بكرة لمدة 3 ايام رضا كذا

 
On 17 مارس 2010 في 12:42 ص , نانا يقول...

قصه مؤثره
أوسكت أن أبكي
تذكرت ابن أختي
ذاق طعم اليتم لتوه
حمدت الله من كل قلبي
أبي موجود وأحبه جدا
اطال الله في عمره
قلبتي علي المواجع كيف راح انام هلا
وفقه فتو

 
On 17 مارس 2010 في 12:58 ص , الأديبة / فاطمة البار يقول...

اعذريني لم يكن قصدا لكن موافقة غير متوقعه كنت قد كتبت قصتي قبل ان اعرف بموت زوج اختك ويتم ابناؤه لكن هي الحياة هكذا يا صديقتي ..
حفظ الله ابوك وابي وكل الاباء ..
وعوض الطفلين خيرا فكل امورنا خير لنا سواء علمنا ام لم نعلم ...
وفقك الله للخير وحفظ الله الجميع بحفظه

 
On 18 مارس 2010 في 10:54 ص , غير معرف يقول...

المشكله انو مهما دارا الزمن يبقى فقد الاب مؤثر
انا من فتره وانا اراقب كثير بنات تيتمو وهم صغار والحين كبار بس لما نتكلم عن ابائنا قداهم نلقى حسره قويه كانو مات امس مامسحتها السنين
وحتى لما يكونو كبار ويموت ابائهم وهم كبار وتمر سنين تبقى حسره قويه لما تجيبي سيره الاب
لان ابدا ماحد يملي فراغ الاب الكبير
مهما كان الاب وكانت طبيعته بقى سند وامان وحب
الله يحفظ ابائنا وامهاتنا ويعطيهم الصحه والعافيه وطول العمر ويعنا على برهم

ياااااااااااااااارب
اختك
خخ

 
On 18 مارس 2010 في 12:16 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

هلا يا اختي
صحيح الفقد الشديد فقد الاب والا لما صار اليتيم في الانسان هو فاقد الاب
مع احترام الام التي تتعب وتلد وتعطي وتربي الا ان الاب في الانسان قائم والام يمكن ان يعوض لبنها ورعايتها لذك الغبرة التي في وجوه الايتام هي من فقد الاب...
اللهم احفظ من بقي من الاباء وارحم من مات
وشرفتيني يا عسولة

 
On 18 مارس 2010 في 3:01 م , وفاء يقول...

قصه جميله جدا جدا جدا
فعلا حسرة موت الاب تظل باقيه حتى لو كان الاب مات واولاده كبار
أنا لمااسمع وحده تقول ابوي سوى وابوي جاب اتذكر الوالد الله يرحمه على طول
بس اليتم في الصغر اشد مع اني ماجربته ولكن لما كان الولد والوالد مسافرين ونحن صغار كان احساس مررره صعب للحين مانسيته ابدا
حتى احساسي بالناس نغير من يومها وما عدت اثق كثير بالناس
هذي احسن قصه كتبتيها في اسلوبها الجميل والعاطفي

 
On 18 مارس 2010 في 10:09 م , سوسو يقول...

هذا ماكتبة الله له وهذا قدرة بالحياة

وقد ترك له تركة ثقيلة بهذا السن

والحمد لله انه كان على قد المسئوليية

ورسى بالمركب الى بر الامان ولم يخيب ظن والدته به

وما اصعب فراق الاحباء فكيف اذا كان بالأب

هو عمود البيت وباني أساسة

فاليحفظ الله ابائنا ويطيل بأعمارهم ويرزقنا

حسن البر بهم

 
On 19 مارس 2010 في 12:24 ص , الأديبة / فاطمة البار يقول...

القصص كلها جميلة لكن بعضها يضرب الوتر الحساس فوفو
الله يرحم باباك والحمد لله انه كبركم وزوجكم يعني خفف اليتم عليكم
لا يتم بعد حلم
هلا فيك

 
On 19 مارس 2010 في 12:24 ص , الأديبة / فاطمة البار يقول...

كلامك في محله سوسو بارك الله فيك يا قلبي

 
On 19 مايو 2010 في 7:46 م , شوشو الباكية يقول...

قصة محزنة تبكي الواحد حتى لما يقطع البصل
سيبكي اهئ الحمد لله ابوي عايش

 
On 19 مايو 2010 في 8:49 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

لا اريد ان ارى شوشو تبكي ..
شوشو الضاحكة البريئة وليست الباكية ..
اليتم صعب يابنتي ..
انا اردت ان نشعر بهم فنقدم المساعدة والحب لهم
الله يحفظ لك بابا وماما ...

 
On 19 مايو 2010 في 9:47 م , شوشو الضاحكة يقول...

طيب...
هكذا احسن؟

 
On 19 مايو 2010 في 9:55 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

نعم ...شوشو الضاحكة المبتسمة لتبتسم معها الحياه كلها ..