استكمالا للجزء السابق من مقالة الزواج المعنف أُعَرج بشكل سريع على مبدأ التكافؤ الذي يُشترط غالبا في كل الزيجات و يَمنع الكثير من الترابط .
نعلم جميعا أن تكافؤ الطرفان المرتبطان بعلاقة زوجية مهم جدا و أقرب للاستقرار بينهما و لكن لا يعني عدم وجوده في غالب ما يَطلب الأهل بل
يكفي التكافؤ في البعض ليحقق النجاح الزوجي , و لا يمنع ذهاب بعضها من تحقيق السعادة.
من التكافؤات المطلوبة غالبا تكافؤ النسب و المستوى المادي و الثقافي و الفكري و العمري .
و كما ذكرت في المقال السابق ( يمكن الرجوع له )عن اختلاف العلماء في ما تُراعى فيه الكفاءة و اتفاقهم على الدين الذي هو أساس العلاقة الزوجية الناجحة ((إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)).
يضع البعض شرط تكافؤ النسب معيارا مهما و يتم رفض أهل الدين و الخلق لأجل غيابه, و نذكر جميعا قصة تزويج النبي لزينب بنت جحش ابنة عمته الشريفة القرشية الحرة للمولي زيد بن حارثة و إن كان قد تعددت أسباب هذه الزيجة , لكن وضع بها النبي العنصرية القائمة و أبطل التبني و ألغى أحكامه.
و فعل بعض الصحابة ذلك كما زوج عبدالرحمن بن عوف أخته هالة لبلال بن رباح العبد الحبشي .
تحدث العلماء أن الكفاءة مشروطة في الرجل أكثر من المرأة نسبا و مالا و عقلا و خلقا و مكانا اجتماعيا , أما المرأة فلا يُشترط أن تكون كفئا للرجل و مماثلة له يقول الرسول عليه السلام كما ورد في الصحيحين ((من كانت عنده جارية فعلَّمها وأحسن تعليمها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران)) ما يدل على صلاحية أن يتزوج الرجل من هي أقل منه كفئا .
ولقد تزوج النبي صلى الله عليه و سلم وهو أعلى الناس فضلاً ومنزلة بالسيدة صفية بنت حيي بن أخطب وكانت يهودية وأسلمت.
جرى العرف بين الناس أن الزوجة صاحبة المنزلة الرفيعة هي التي تعيّر هي وأولياؤها إذا تزوجت بمن هو غير كفء لها نسبا ,أو مكانة علمية ,أو اجتماعية أو عمريا، أما الزوج فلا يعيّر إذا كانت زوجته دونه في المنزلة الدينية والعلمية والاجتماعية.
لكن العرف الذ جار و صارت المرأة تتظلم منه و تشكو تأخر الزواج أو فواته عرف جائر, هضم الكثير من حقوق المرة ومنعها من ممارسة حياتها الطبيعية .
عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " تخيروا لنطفكم ، فانكحوا الأكفاء ، وأنكحوا إليهم " صححه الألباني و جاء عن عنها-رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكفاء) [ابن ماجه]، وغير ذلك من الآثار.
في قاموس المعاني "تكافؤ الزواج " : أن لا يكون الزوج أدنى حالا من الزوجة .
و الدنو في غالب شروط الزواج لا في بعض منها ,فيحق للشريفة و ابنة القبيلة الارتباط بمن هو أقل منها نسبا لو كان خيرا منها في الخلق و الدين و المال , و يحق للغنية الارتباط بمن هو أقل منها مالا فيما لو توفر حسن الخلق و الدين , و دائما تكون المقاربة و التسديد خير من التشديد و فوات المصلحة العامة و الخاصة
لعل من تبعات كثرة شروط التكافؤ التي جارت في مجتمعاتنا هو تراكم المزيد و المزيد من الفتيات الناضجات و المؤهلات لفتح بيوتات سعيدة , و كذلك كثرة ظهور الزواجات الجانبية التي يبحث فيها الرجل أو المرأة عن شريك مغطى باسم الزواج الشرعي لتكملة النقص في الحياة التي منعتها الشروط و أنهكتها الأعراف
رسالة لكل ولي أمر : إذا جاء من ترضى دينه و خلقه لوليتك و كان أهلا قادرا على قيام أسرة فسانده فزواج الفتاة منه خير من بقائها في خدرها و لا تنس حاجتها النفسية و البدنية و القلبية في الارتباط و تكوين أسرة.
رسالة للمجتمع : غيروا نظرة الشزر للفتاة التي تتزوج أقل منها مكانة اجتماعية أو مالية فالسعادة للقلوب و ليست لاعتباراتكم الافتراضية ! .
رسالة للفتاة :اقبلي بصاحب الدين و الخلق قبل أن تقبلي بصاحب المال و النسب , فالأول سيصونك بأمر دينه و خلقه .
رسالة للرجل : اطلب المرأة لدينها و شرفها و نسبها قبل أن تطلبها لجمالها فقط , فالجمال الداخلي هو الباقي .
رسالة للبقية : لا تقتربوا من الزواج بالشريفات و القبيليات الحرائر لتقللوا من قيمة مكانتهن كما يظهر لكم , و لكن اقدموا على الزواج منهن لأجل الحصول على شرف الارتباط بمن هو أفضل منكم , و كما يُقال في الأمثال اليمنية( استنسب الخال يأتيك الولد و البنت تأتي على عماتها ) , ما يبين ضرورة البحث عن نسب شريف للمرأة .
وفق الله الجميع .
8:42:00 ص |
Category:
مقالاتي
|
0
التعليقات
Comments (0)