الروح من أمر ربي ...


الروح شئ بغموض لا نعرف كنهه لكن نعرف أنها المحرك للأجساد وبلاها تكون كالجماد.

بالأمس توفت قطتنا عن عمر خمس سنوات .كانت ساندي قطة لعوبة بهدوء تمازح الصغير والكبير ..انتهى عمرها فتوفاها الله

بقيت أتأمل في جسدها الذي وجدناه مرتمي على الأرض بسلام .

رغم أن هذه قطة لكن المنظر مؤثر فيها ..خروج الروح وخروج السائل الأخير من فمها عند خروج النفس كما يحدث لنا نحن البشر .

نبضها الذي اختفى ..يبوسة جسدها الذي تصلب بسرعة .

شئ رهيب يهز النفس ...ليبقى الموت شامخا مهيبا .

بقي الأطفال يسألون ويسألون عن هذا الشئ الذي أوقف الحياة في القطة خلال وقت سريع , وبقي السؤال الأكبر لديهم ما هي الروح

وكيف هو شكلها ,اللهم ارحم ضعفنا ...

في زمن ازداد الموت في البشر وصار كنار تأكل الهشيم , وقفة أكبر وموعظة أبلغ للموت هادم اللذات وميتم البنين والبنات

ورد في كثير من العلوم وعند ثقافات إنسانية مختلفة معاني جمة للروح ووصف لماهيتها وتخيل لها كشئ له لون أو وزن أو

حساب , قيل فيها الكثير ورسمت بقايا الحضارات الماضية نقوشا ورسومات كثيرة في تصوير هذه اللحظة التي تخرج فيها الروح ثم

وصف هذه الروح وتبقى الاجابة .. "قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " .

لو قرأنا بعض ما قاله الفلاسفة عنها وكمثال فقد قام أفلاطون (427 - 347 قبل الميلاد) باعتبار الروح كأساس لكينونة الإنسان

والمحرك الأساسي للإنسان واعتقد بأن الروح يتكون من 3 أجزاء متناغمة وهي العقل والنفس والرغبة وكان أفلاطون يقصد بالنفس

المتطلبات العاطفية أو الشعورية وكان يعني بالرغبة المتطلبات الجسدية وأعطى أفلاطون مثالا لتوضيح وجهة نظره باستخدام

عربة يقودها حصان, فللحصان حسب أفلاطون قوتان محركتان وهما النفس والرغبة ويأتي العقل ليحفظ التوازن, ثم قام أرسطو (384 - 322 قبل الميلاد) بتعريف الروح كمحور رئيسي للوجود ولكنه لم يعتبر الروح وجودا مستقلا عن الجسد أو شيئا غير

ملموس يسكن الجسد فاعتبر أرسطو الروح مرادفا للكينونة ولم يعتبر الروح كينونة خاصة تسكن الجسد واستخدم أرسطو السكين

لتوضح فكرته فقال إنه إذا افترضنا إن للسكين روحا فإن عملية القطع هي الروح وعليه وحسب أرسطو فإن الغرض الرئيسي للكائن

هو الروح وبذلك يمكن الاستنتاج إن أرسطو لم يعتبر الروح شيئا خالدا فمع تدمير السكين ينعدم عملية القطع .

اما عند المصريين القدماء فاستنادا إلى المعتقدات الدينية لهم فإن روح الإنسان مكون من 7 أقسام

رين، هو مصطلح قديم يعني الاسم الذي يطلق على المولود الجديد.

سكم، وتعني حيوية الشمس

با، وهو كل ما يجعل الإنسان فريدا وهو أشبه بمفهوم شخصية الإنسان

كا، وهو القوة الدافعة لحياة الإنسان وحسب الاعتقاد فإن الموت هو نتيجة مفارقة كا للجسد

آخ، وهو بمثابة الشبح الناتج من اتحاد كا وبا بعد الموت

آب، وهو "قطرة من قلب الأم"

شوت أو خيبيت وهو ضل الإنسان

اما عند البوذية فإن كل شيء في حالة حركة مستمرة وتتغير باستمرار وإن الأعتقاد بان هناك كينونة ثابتة أو خالدة على هيئة الروح

هو عبارة عن وهم يؤدي بالإنسان إلى صراع داخلي واجتماعي وسياسي .

 يمكن اعتبار الجيفا Jiva في الهندوسية مرادفا لمفهوم الروح وهي حسب المعتقد

الهندوسي الكينونة الخالدة للكائنات الحية وهناك مصطلح هندوسي آخر ويدعى مايا ويمكن تعريفها كقيمة جسدية ومعنوية مؤقتة

وليست خالدة ولها ارتباط وثيق بالحياة اليومية ويبدو إن المايا شبيه بمفهوم النفس في بعض الديانات الأخرى واستنادا على هذا فإن

الجيفا ليست مرتبطة بالجسد أو اي قيمة أرضية ولكنها في نفس الوقت أساس الكينونة .

في اليهودية لايوجد في التوراة تعريف دقيق لكلمة الروح ويذكر سفر التكوين إن الخالق الأعظم خلق الإنسان من غبار الأرض

ونفخ الخالق في انف الإنسان ليصبح مخلوقا حيا .

بينما تعتبر المسيحية الروح بمثابة الكينونة الخالدة للإنسان وإن الخالق الأعظم بعد وفاة الإنسان إما يكافئ أو يعاقب الروح .

كتاب الروح لابن القيم

أسرار كثيرة وغوامض من عالم الروح يكشفها ابن القيم في هذا المؤلف الفريد وأسئلة كثيرة يجيب عنها الكاتب فيما يتعلق بالروح

والنفس،معتمداً على أدلة من القرآن الكريم والسنة والآثار وأقوال العلماء، فيجلوا صوراً قاتمة، ويزيل أوهاماً عالقة في عقولنا أمام

حقائق مدعومة بالأدلة والبراهين والحجة العقلية .

ونبقى دائما نردد " قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " ويبقى سر الروح غامضا ويبقى الموت مهيبا ولو كان في

حيوان ويبقى الانتفاع بتذكر الموت كل ساعة وحين فإنه مدرك الجميع لا محالة والاستعداد له واجب.

متعكم الله بالصحة ورزقكم حسن الختام وخفف عنكم كرب الموت .

Comments (8)

On 3 يوليو 2011 في 12:06 م , غير معرف يقول...

هي اللغز المحير
فهي الحياة والجسد خاو بدونها
فسبحانه من نفخ في الكائنات فجعلها حية ترزق
واخذ منها الروح فتركت غبارا تذروه الرياح
فكل مخلوق اجله تنتهي مدة بقاء الروح بداخله فتخرج بأذن ربها ويبقى الجسد كما خلقه ربي خاويا لا حياة فيه جامدا بلا حراك
فسبحانه تعالي فيما خلق فهو اعلم بما خلق وكيف خلق


(اجمل نساء الدنيا )

 
On 3 يوليو 2011 في 2:10 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

اهلا بك اختي ...
نعم بدونها يكون الاجساد كالجماد
مرحبا بك

 
On 3 يوليو 2011 في 9:23 م , غير معرف يقول...

سبحان الله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
سبحان الله بعض الارواح تتالف فى ملكوت الله
عند الموت الصغرى وهى النوم
لآن الروح تصعدفى السماء
والله اعلم
موضوع جميل وشيق
دمتى بخير

 
On 3 يوليو 2011 في 9:58 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

نعم هو كذلك تتآلف الارواح في المنامات وقد ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح وأفاض في ذلك
شكري لجميل المرور

 
On 3 يوليو 2011 في 10:28 م , غير معرف يقول...

موضوع رائع وصياغه جميله
ومازالت الروح لغزا من امر ربي

خوخه

 
On 3 يوليو 2011 في 10:42 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

اهلا خوخة
سعدت بمرورك ياجميلة

 
On 6 يوليو 2011 في 9:31 م , غير معرف يقول...

موضوعك جدا رائع غاليتي

الروح بجد شئ غامض ومحير بنفس الوقت

فعند خروج الروح من اي كائن حي يصبح غريبا وويحيطه الخوف

دمتي بود

لولا

 
On 7 يوليو 2011 في 12:42 ص , الأديبة / فاطمة البار يقول...

اهلا لولا نعم يحيطه الخوف وهو سر الموت وهيبته
حفظك الله واتم عليك نعمه وفضله