التقت عينانا بعد فترة غياب لكبرنا ولانتقالنا لمنزل آخر .

- كيف حالك يا أمل .

- الحمد لله .

- ما شاء الله لقد كبرت وكبر عقلك يالروعة إجابتك اليوم على الأستاذ .

أنت رائعة كما كنت .

- عفوا ياسر ..لا تنس حدود الكلام .

- إن كان ثمة حدود في العالم كله فدولتي لا حدود لها ...تعرفين وأعرف .

- ياسر ليس الوقت مناسب ..أرجوك .

- بل أنا من أرجوك , أعطني رقم هاتف والدك سأخطبك منه فكم أضناني

البحث عنكم بعد الانتقال المفاجئ .

- ليس مفاجئ ..كنت تعلم هذا بعد .....

- لا تكملي , كانت لعبة للصغار وقعنا بها ولم يكن مقصدنا غير إكمال الدور .

- أعرف لكن الأذى قد لحق بي وتعرف متى التلف الذي أصابني حينها

والمأزق الذي وضعت به , لقد كان شديدا ومؤلما على والدي أكثر مني .

تسببت بدون قصد لكن الكبار حينها لم يفقهوا إلا معنى واحد .

- أمل ..سنعيد إصلاح كل شئ ...هات رقم والدك .

- حسنا سجل .

باتت كلماته ترن في أذني وطلب رقم والدي يشجعني للمزيد من الأمل في

الارتباط بالقلب الذي أحبه.

منذ طفولتي أوقعني جهلي وجهله في شَرك عميق , لكن سأرجو خيرا .

في مساء يوم حار رطب في مدينتي التي تنام على ساحل جميل , ناداني

والدي ..

- أمل ..هل تذكرين ياسر ؟.

- نعم يا أبي ..ماذا هناك !.

- كيف عاد ثانية إلى حياتك ؟.

- عفوا أبي هو زميلي في القسم جمعتني به الصيدلة .

- تعلمين أنه طلب الزواج منك ؟ .

- لا ..لا أعلم .

- بلى تعلمين .. لكن هل تظنين أني سأقبل بمن مزقك بالأمس أن يكون

زوجك اليوم .

- أنت حر يا أبي ..الاختيار لك , لكن اعذرني إن قلت لك " إنه ما

يزال في قلبي " .

لم أشعر حينها إلا بلطمة على خدي مادت بي الأرض من شدتها .

- اخرسي ..ستنتقلين من قسم الصيدلة هل تفهمين .

- لا ..يا أبي لا أقدر ..أرجوك ..أحب القسم وقد اجتزت بعضه بتفوق .

- قلت ما قلت وعليك التنفيذ وإلا سأضطر أن أنتقل لمدينة أخرى.

كان والدي حد القسوة معي وكان جلده لي بتلك السياط موجعا , وزاد الوجع

غياب أمي رحمها الله , أما إخوتي فلم يكن لأحدهم دور معي فسلطة أبي

ومزاجه العكر ترعب الجميع .

قدمت طلب انتقالي من القسم وأنا في انتظار قبوله .

- لماذا يا أمل ...لا تفعلي ذلك ...سأبتعد حتى يعود والدك لرشده لكن لا تنتقلوا .

- ياسر ..افهمني أرجوك ..لن يهدأ أبي ما دمنا في ذات القرب .

- تعرفين أننا روح واحدة لن نفترق وسأظل وفيا لقلبك ولي أمل في كلك .

يومان لم تتأخر العمادة في قبولي لأنتقل إلى قسم لآخر مبتعدة عن ياسر لكن قلبي لم يبتعد .

كانت الرسائل الإلكترونية منه تجذبني رغم أني مستلمة فقط لا أجيبه خوفا من

والدي لكنني كنت سعيدة بكم الوفاء الذي يحمله قلبه .

مرت سنوات دراستي وانتهت فصولها واقترب موعد تخرجي سريعا وكانت

أمنيتي أن أحتفل به مع الشخص الذي أحبه بل أعشقه لكن ما باليد حيلة غير الرجاء .

- أمل أسرعي والحقي بنا في المستشفى .

- ماذا هناك يا أحمد ؟.

- أصيب والدي بتوبة قلبية ويظهر أن الأزمة شديدة هذه المر ة .

انطلقت بسرعة إلى سيارة أجرة لأصل بعد عشرين دقيقة أسابق الزمن أن أجد

أبي حبيبي ... بخير دخلت لأجده مغطى بأسلاك تحيط به الأجهزة من كل

صوب ,خرطوم التنفس الاصطناعي يخترق بلعومه ومنظره غاية في الضعف

نبضات قلبه بالكاد تخرج ,بدا لي كأنه شخص آخر .

اختفت ملامح القوة والغلظة التي كنا نراها على وجهه وبات بلا حيلة .

صار ضعيفا ...ضعيفا جدا .

فجأة فتح عينيه ..بضعفها وبقلة البريق الذي اعتدناه فيها نظرنا ..

ركز نظره عليّ ..نعم علي أنا ابنته الكبرى وبصوت متهدج متألم متقطع منهك

- أمل ..اقتربي .

Comments (2)

On 3 يوليو 2011 في 1:06 م , غير معرف يقول...

في انتظار التكمله شوقتينا اكثر


ام حامد..

 
On 3 يوليو 2011 في 2:11 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

يامرحبا بك ام حامد
ان شاء الله التكملة قريبا