عملت في إحدى المستشفيات الخاصة..طبيبة للأطفال ..كنت مميزة في عملي وناجحة فيه لأبعد الحدود..
عملي مضنٍ جدا لكنه مسلي لي لأبعد الحدود..
كان بيتي يشكل حملا ثقيلا يقع على كتفي ...
زوج وخمسة أبناء..الجميع يريد ويطلب..
عانيت من زوجي الذي كان يحبني بشكل جنوني أفقدني في الحقيقة لذة الاستمتاع بحبه..
لا أعرفه إلا رجلا يغار وبقوة من كل شئ حتى عملي ذاته..
فكم مرة حاول فيها أن أترك العمل ..
رفضت بداية فعملي هو حياتي التي اخترتها ووافق عليها قبل زواجنا ...
اخترت أن أضحي لأرى البسمة على شفاه الأطفال.
ومع ذلك فأنا لست مقصرة معه أو مع بيتي وعيالي..
مهنتي أطبطب فيها على الأطفال وأخفف من آلامهم فروحي تداعب أرواحهم ..
عندما أضع السماعة لأسمع نبض قلوبهم التي ترتعد خوفا مني أناولهم هدية حينها من صندوقي الأحمر الذي خصصته لهم عندها
تبتسم الأفواه الصغيرة ويبتسم قلبي ويزغرد من الفرح ..
في المستشفى أعرف العديد من الزملاء الأطباء والطبيبات ..
لكن أعرف شخصا آخر منهم ..إنه الدكتور أشرف سعيد..
أعرفه أكثر من أي شئ..
د. أشرف طبيب عيون في القسم المجاور لنا ..
تعرفت عليه صدفة عندما ذهبت بأحد أبنائي إليه ليقيس مستوى نظره..
عرفته من نظره عينيه ..
قتلتني تلك العيون ..
أصابتني بسهم قوي..
لم أكمل النظر إليهما حتى لا أقع في شرك حبه .
استطاع هو وبمشاغبة منه أن يفهم نظرتي الجريئة إلى عينيه فأرسل الرد سهما أوقعني..
استمرت علاقتي مع د. أشرف طويلا وانتقلت خارج العيادات وبالتحديد في عالم الانترنت الواسع ..وعبر بوابة التقنية والشات
كنت ألتقيه كل يوم عند الثامنة مساء ..
حيث زوجي ما زال في العمل وأبنائي مشغولون في أداء فروضهم المدرسية
والخادمة تجد في عمل المنزل وأنا أعمل مع حبيبي الذي همت فيه.
في المستشفى أمتنع غصبا عني عن ملاقاته فأوقاتنا لا تسمح كثيرا باللقاء مع زحمة المرضى و ضغط العمل.
وكنت أخاف أيضا من ملاحظة أحد من الزملاء لهذه العلاقة بيننا .
وفوق هذا وأهم منه كان في داخلي نزعة تقول الخوف من الله .
أعرف أني مخطئة في فعلي لكن لا أقدر إنه عشق وحب لا أملك لهما تفسيرا أو دواءا.
في إحدى ليالي حديثي معه عبر برنامج المحادثة الشهير الماسنجر
طلبت منه أن يقرأ البحث الذي أعددته عن مرض تحدب القرنية عند الأطفال .
قبل البحث وقال سأرد عليك خلال يومين لأني مشغول الآن يا سميرة.
إنها أول مرة يقول لي أنا مشغول..!
ويعتذر عن إكمال المحادثة معي.
انسحب فأطفأت الحاسب ولم يعد لي رغبة في العمل به.
سبحت في خيالاتي ..هل مل مني ...؟
هل سببت له أي ضيق...؟ هل اكتشفت زوجته الأمر ...؟
هل داهمه عمل مفاجئ ..أم نزل عليه ضيف..؟؟؟
أسئلة كثيرة وقعت وحيرتني بل تركتني في حالة تفكير لا واعي .
لكني لم أعبأ بها وقلت لا بد أنه سيلقاني في الغد وقتا أطول بدل الوقت الذي مضى الليلة.
غدا الخميس ولا عمل لدينا والأطفال نيام في وقت إجازتهم وزوجي يعمل بنصف دوام يوم الخميس.
انتظرت أشرف صباح الخميس فلم يأت...ثم الجمعة ..فلم يأت أيضا..
مضت أيام إجازتي بتعاسة وملل فظيع لم أنتبه له .
كنت في أشد الشوق له يوم السبت حتى أعرف منه السبب في ما حدث.
اليوم السبت..
ذهبت للدوام وقلبي يتمزق وسحبت أقدامي المليئة بالخطايا نحو عيادته..
طرقت الباب بقوة أصابعي الضعيفة.
فتحت المرضة الباب..
- من فضلك أين دكتور أشرف؟
- اعتذر اليوم عن المجئ..
- ماذا ؟!
خفت حينها عليه ..هل وقع في مكروه ..لا بل خفت حقيقة على قلبي أن يفقده.
عدت لمنزلي وأنا حزينة فرقم هاتفه لا يرد ..
حزينة أنا ومكبلة بهموم الدنيا ..لا أكلم أحدا ولا آكل شيئا.
الجميع مستغرب من هذا الوضع حتى زوجي يقول ماذا جرى لك ؟ لا أرد عليه
طلب من أمي أن تزورنا علها تخفف عني أو تعلم ما بي
جائت أمي لزيارتي في ذلك اليوم الغريب..الكئيب ..المظلم بالنسبة لقلبي المجنون
لمحت امي ذبولا في وجهي
قالت..سميرة ..مابك ياابنتي؟
- لا شئ من تعب العمل فقط يامي .
أدور في أنحاء البيت ممسكة بهاتفي
لم أتعود الإتصال بيننا رغم أن أرقامنا مسجلة في الهواتف ..حدودنا الماسنجر فقط .
وحديثنا فيه عذب مؤدب لا فحش فيه ولا تصريح بأي ألفاظ خارجة عن الأدب
ولا أي شئ يدل على الحب إنما رقة وروعة وجمال حروف نخطها وخيال واسع لبحر حب كبير يسبح فيه الجميع ويغرق الكثير.
مغطى حديثنا بالحياء فكلانا يعرف أنه مرتبط بزواج وكلانا له أطفال وبيت ومسؤلية
لكن قلوبنا لا تعرف هذا الكلام ولا تفهم معناه و لا تعرف أي مسؤلية سوى تحمل حبنا الفياض.
كان أشرف يعاني من زوجته الجافة الطبع والمعشر...
ومن رعونتها وحماقتها وطلباتها اللا منتهية في عالم النساء والموضة
وكنت أنا أعاني من قلب زوجي الفظ البعيد المنشغل عني بالمال والتجارة والسفر.
فالتقى قلبينا وجمع القدر شيئا مشتركا .
ذلك اليوم الذي تقطعت قدماي من كثرة المشي في أرجاء بيتي أجوبه حائرة قلقة تدور عيناي بقوة يحسبني من رآني مجنونة
كنت أحاول وأبدأ في ضغط أرقام هاتفي ..050 ثم أغلقه ..لا لن أفعل ..لن أتصل ...أنا ....أنا....
وفجأة إذا باسمه يظهر نوره وبريقه في شاشة هاتفي ..رسالة ..
رسالة من د. أشرف
سميرة ..أريد أن أتصل بك الآن هل يناسبك التوقيت .؟
رردت بسرعة..نعم ..نعم فورا .
دق علي الهاتف وارتفعت النغمة فأسرعت نحو بلكونتي فهي أهدأ مكان أجلس فيه في منزلي
وقد اعددت فيها جلسة رائقة كنت أتمنى لو جلس زوجي معي يوما فيها
كذلك فأصوات الأطفال في الداخل ترتفع فكانت البلكونة أنسب مكان ..
كانت أمي لحظتها منشغلة بمكالمة جارتها العجوز فقلت في نفسي حسنا الجميع مشغول والوقت في صالحي ..
أسرعت بالجلوس في مقعدي الخزفي الهزاز وتمددت عليه وبصوته الدافئ..
- ألو ..مرحبا سميرة
- أهلا أشرف
كانت أول مرة يناديني بسميرة ...
جعل أوصال قلبي تطير مرحا وفرحا فكم هو جميل اسمي لكني لم أشعر بجماله إلا عندما نطقه صوته العذب
- تفضل يا أشرف ..قلقت عليك جدا
- بداية أعتذر عن تأخري في الرد على بحثك ..
إنه رائع جدا وأعتقد أنه سينال جائزة كبيرة
وقد عرضته على دكتور عبدالله استشاري العيون الزائر في المستشفى
- ماذا !! د .عبدالله بنفسه ..!!!
- نعم ..نعم ..وعدني بقرائته فانتظرت رده وها هو اليوم يتصل ليشكرك ويطلب مقابلتك في أي مكان تحددينه حتي يخبرك ببعض
الملحوظات البسيطة .
- إن شاء الله يا أشرف ..أشكرك
- سميرة...هل تجلسين الآن بجوار أحد؟
- اهتز قلبي ..لا يا أشرف ماذا هناك ؟
- حسنا ..أريدك أن تستمعي إلي ولا تتحدثي ببنت شفة .
- اتفقنا ...تفضل .
- سميرة ..أنا أحبك ..أحبك جدا لدرجة الجنون ...لم أعد اقدر أن أخفي حبي عنك
أعرف أنك تبادليني نفس الشعور وأعرف أني وجدت نصفي الآخر لكن لا يصلح لي فانت متزوجة
لكن عشقي لروحك وخلقك لن يبعدك عني أبدا ..مهما حدث
أنت الحبيبة يا سميرة ..
حبك في أعماق قلبي....
ليتني أمسك بك الآن ..
أخطفك لعالم الحب المجهول ...
أعانقك بحرارة حبي ..وأمتع عيني بجمالك
بالرغم من كثرة العيون التي أراها كل يوم في عيادتي واختلاف ألوانها وجمال بعضها إلا أني لم أر جمالا كجمال عينيك
سحرتني بهما ..قتلتني بنظرتهما في ذلك اليوم ..
ذلك اليوم الربيعي في حياتي ..وقع حبك كطائر عثر على ماء وهو في أشد حالات عطشه.
سميرة يا حبي ويا أملي
- أشرف..لا تنس أنني متزوجة ..!
فجأة ينقطع الصوت لانقطاع الإرسال عندي .
حاولت أنا الإتصال فلم أفلح ..
بكيت حينها كثيرا ..بكيت حبي ..بكيت أشرف الذي لا يصلح لي ..بكيت زوجي القاسي وعثرتي.
مسحت دموعي وقمت أستغفر ربي..وأصلي ..عل روحي أن تهدأ من البركان الذي ثار بها
فلا أمل في الارتباط ..وأنا أصلي ..وأنا في قيامي ...أقرأ الفاتحة ..
سمعت أمي تصرخ ...في الهاتف
- ماذا ..مات عبدالله في حادث.!!
صعقت ..زوجي مات ...فرحت ...أشرف اقترب..!!
انتهت
1:31:00 ص |
Category:
قصص قصيرة
|
2
التعليقات
Comments (2)
تحمست اعرف التكمله مافيني اصبر اسبوع
جاري الانتظاااااار
ام حامد..
اهلا بك ام حامد لن تنتظري فالقصة انتهت ويبقى الختم لها حلا مكتوبا في السطر الأخير
كوني بخير عزيزتي