يوم دافئ من أيام شتاء مدينتي تقلصت نسمات صقيعه لتترك الأسر في غبطة تجهيز ادوات الرحلات

او تفكير في قضاء اليوم في الخارج بحثا عن لحظات جميلة يقضونها بالمتعه والترفيه

كان نصيب اسرتي جيدا حيث اتفقنا على التسوق في احدى المراكز المنتشرة بكثرة في مدينتي و اللعب والمرح

مع الاطفال ..

جهزت بسرعتي اطفالي و عيوني تنظر سعادتهم كان طارق يهمهم بكلماته التي لا يفهمها سواي ...

اصغر طفل ومكمن دلال الاسرة بطفولته البرئية واعوامه السبع ...انتهى من لباسه ثم جرى لاخواته سارة و بسمة

يظاهر بجماله واناقته ذلك اليوم .

في الطريق كان الجميع في لهوهم ولغطهم وارتفاع اصواتهم وكنت في بحر سعادتي بهم انظر ابتساماتهم المشرقة

واتابع حوارهم مع والدهم ..

- بابا اي مركز سنذهب اليه اليوم ..

- أيهم تفضل ياطارق ؟

امممم .. أفضل ذلك المركز الذي يشبه السفينه .

- حسنا مالذي يعجبك فيه ؟

بعذب صوته المرتفع " بابا هذا دائما يذهب اليه محمد وخالد "

- هل تظن انك ستصادفهم ؟

- اكيد وسألعب معهم أيضا وأتناول وجبتي ..لن أسكب العصير اطمئن ..سأفتح عيني جيدا وأمسك به

ابتسمنا لقوله ورغبته في الذهاب لهذا المركز ولانه لن يسكب العصير كما وعد فقد وصلنا لمكانه المفضل .

بدأ يصرخ ثم بنظرتي التي ربيته عليها اخفض صوته ليدخل معنا في أدب و احترام .

قضينا وقتا في التسوق ثم توقفنا لنرتاح ونتناول ما يجدد النشاط .

كان طارق يتناول طعامه بسرعة لا يكاد يعطي لأنفاسه شيئا يذكر رغبه منه في اقتناص الوقت وعدم تفويته

في غير اللعب ,ركبت معه في احدى الالعاب لنشاهد منظرا جميلا من الاعلى ..

قام فجأة بتقبيلي ثم قال " أحبك ماما كثيرا " ثم صرخ انظري محمد في تلك اللعبة ..قلت لكِ سألتقيه

هل تصدقينني مرة اخرى ..انا رجال ياماما أعرف كل شئ.

ابتسمت وقلت "نعم ياولدي انت رجال "..وماما تحبك بشدة وتشهد بذكائك ..لمحت حينها سعادته الكبيرة التي احاطت بكل ذرة في كيانه ..

انتهينا من اللعبة و جرى نحو صديقه محمد معانقا ومرحبا ثم طلب أن يلعب معه في لعبة أخرى ...

جلست أراقبه وهو يصرخ فرحا وينادي بعالي صوته ماما ..بابا ....

كان والده يرقب باقي الأبناء وقد انشغل كل بلعبته المفضلة , توقفت لعبة طارق وصرت أنظر إلى فوج الأطفال المتدفق منها ...

لم أنتبه لطارق فقلت ربما ذهب للعبة أخرى ..لم تلمحه عيناي فتسرب القلق لنفسي ..جلست في مكاني واثقة من عودته لنا فالمكان معروف له .

لكنه تأخر فغاصت عيناي في بحر دموعهما عليه وبعد عشرين دقيقة بدأت بالبحث مع والده في كل الالعاب عنه .

كانت المفاجأة ان لم نعثر عليه ..

تجمد الدم في عروقي ولم اعد اقوى على السير فقد خطرت ببالي اسوء الافكار وجالت كل هواجس الامومة

شعرت باني سأفقده حينها وبكيت بصوت عال ..

هدأني زوجي والتفت بناتي من حولي في محاولة اقناعي ان الامر لم يخرج عن السيطرة وان طارق لن يغادر المركز

فحراس الامن يحكمون السيطرة على كل المنافذ ولن يسمحوا للاطفال بالخروج لوحدهم .

لم أقتنع بما أسمع بل لم أسمع سوى قلبي الذي بات في فوضى ..بات يشعر بخواء..صار يسمع صوته

"ماما انا رجال " "لن اسكب العصير " " احبك ماما "

بكيت حينها بصوت عال وبدأ نشيجي يلفت الانظار وصار الكل يشاركني في الم فقدي وينظرني بعين الرحمة

زوجي يجري يمنة ويسره ورجال الامن يجرون اتصالاتهم فلم يشاهدوا طفلا يخرج بمواصفات طارق لوحده

سمعت احدهم يكلم زميله " هل يمكن ان يكون قد خرج مرافقا لأسرة اخرى ..راجع الكاميرات "

انقطع الاتصال ليعود ثانية ...الان سنراجع كل كاميرات المراقبة .

في ساعتي تلك بكت دنياي و صرخت أمومتي و هطلت عيوني بما لم أعرفه يوما ..كُلمت .. سقطت

في اغماءة افقت منها وصوت سارة في أذني أمي لا تخافي سنجد طارق.

ناولتني كاس ماء عل لهيب قلبي ان يهدأ ..صوتي لم يسكن مناديا "طارق..طارق ...طارق ...أجبني ..لن أكون بدونك "

صوت رجل الامن ثانية " بوابة 5 .شاهدنا الطفل يخرج قبل ساعة برفقة رجل "

أين أنت روح قلبي ...هل سأقبلك ..أدغدغك ..أجري خلفك ثم أصطادك ..

ذهب زوجي لمشاهدة الصور وتأكد له ان الطفل هو طارق ..

خرجت روحي من جسدي فلا انفاس طارق في المركز ..لا سقف يجمعنا به ..قلبي أين ذهبت ..

أشفق الجميع عليّ وفقدي وباتت لوحة الحزن والكآبة تتبين معالمها وتظهر خطوطها ..

امسك بي زوجي والتف ابنائي حولي وخرجنا من المركز ..توجهنا لمركبتنا التي ستقلنا بلا طارق لنتوجه لمركز

الشرطة ويكمل زوجي باقي اجراءات بلاغ فقد الطفل ..

وصلت السيارة وقبل ان افتح الباب اذا ببسمة تصرخ ....

طارق ...

انظروا ...

انه نائم في السيارة ...

بكيت بقوة وفتحت الباب ضمتته بشدة لوعتي وحسرتي لفقده ..انبته وقبلته اختلطت مشاعر الرحمة والقسوة

لماذا ياطارق ذهبت ..

امي ...شعرت بالنعاس وكنت اريد ان انام و تذكرت اني رجال

- كيف دخلت السيارة وهي مغلقة ..

- انا ذكي ..تركت تأمين الباب مفتوحا عندما خرجنا

أحبك أمي ..

Comments (4)

On 5 مارس 2011 في 2:05 م , ابو علي بن علي يقول...

براءة الاطفال ؛ شقاوتهم ؛ سرعة تحركهم و غيرها تفعل الاعاجيب و تجعل الوالد لا يمكنه التنبئ بما يمكنهم ان يفعلوه..
و هنا تاتي ضرورة مراقبة الله فيهم والحرص علىة تنشئتهم و تحصينهم بالاوراد وان نتذكر (و كان ابوهما صالحا)

اقر الله عينيك بصلح ابنائك

 
On 5 مارس 2011 في 7:12 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

اشكرك اخ ابوعلي
وحفظ الله الابناء فهم الامانه المسترعاه
دمت بخير

 
On 7 مارس 2011 في 7:19 م , غير معرف يقول...

قصه واقعيه وحصلت لي عشان كذا حاسه بشعور ام طارق
الله يحفظ ابنائي وابنائك وابناء المسلمين جميعا
ام حامد..

 
On 7 مارس 2011 في 8:47 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

اهلا بك ام حامد ..
انتبهي على ابنائك والله الحافظ..