الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه و عظيم سلطانه , و الشكر له إذ مد لنا في العمر لنلتقي في عامنا هذا 1439هـ و نكمل ما ابتدأناه
في أعوامنا السابقة , اليوم وقفتنا ستكون مع سورة لقمان التي وقفنا قبلها العام الماضي عند سورة الروم.
وبذات الطريقة لتعريف الاختصارات للمتابعين الجدد ستكون , ن : أسباب النزول للنيسابوري , ط : تفسير الطبري , س : تفسير السعدي  ,ك : تفسير ابن كثير , ق : تفسير القرطبي .
سورة لقمان سورة مكية عدا الآيات 2-28-29 فمدنية , نزلت بعد سورة الصافات وعدد آياتها 34 آية .
سميت بهذا الاسم لورود قصة الصالح لقمان كما سيتم توضيحه .
ن :
- قوله تعالى " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " قال الكلبي ومقاتل : نزلت في النضر بن الحارث و ذلك أنه كان يخرج تاجرا إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشا ويقول لهم : إن محمدا عليه الصلاة و السلام يحدثكم بحديث عادوثمود و أنا أحدثكم بحديث رستم و اسفنديار و أخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه و يتركون استماع القرآن فنزلت الآية .
وقال مجاهد : نزلت في شراء القيان و المغنيات .
- قوله تعالى " إن الله عنده علم الساعة " نزلت في الحارث بن عمرو ابن الحارثة من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله عن الساعة ووقتها , و قال إن أرضنا أجدبت فمتى ينزل الغيث , وتركت امرأتي حبلى فماذا تلد ؟ وقد علمت أين ولدت فبأي أرض أموت ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية .
ط :
- " الكتاب الحكيم " آية 1 إنما ناسب وصف الكتاب هنا بالحكيم لأن الله تعالى ذكر في هذه السورة الكريمة الحكمة التي منحها الله لعبده لقمان و الحِكم التي نطق بها في وصاياه و هي درر ثمينة .
-  " ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن " آية 14 أوصى الله بالوالدين ثم خص الأم بالذكر لبيان ما تقاسيه وما تكابده في سبيل الولد و لذلك كان حقها أعظم و أكبر من حق الأب .
- " و لا تصعر خدك للناس " آية 18 أي ولا تعرض بوجهك عمن كلمته تكبرا واستخفافا له .
- " إن الله عنده علم الساعة " آية 34 هذه هي المغيبات الخمس التي استأثر الله عز و جل بعلمها ففي الحديث الصحيح " مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله و تلا الآية " أخرجه البخاري .
س :
- " ولقد آتينا لقمان الحكمة " آية 12 يخبر الله تعالى عن امتنانه على عبده الفاضل لقمان بالحكمة و هي العلم بالحق على وجهه و حكمته , فهي العلم بالأحكام ومعرفة مافيها من الأسرار و الحكم . و قد يكون الإنسان عالما و لا يكون حكيما . و أما الحكمة فهي مستلزمة للعلم بل و للعمل و لهذا فسرت الحكمة بالعلم النافع و العمل الصالح .
- " و لايغرنكم بالله الغرور " آية 33 الغرور الذي هو الشيطان ما زال يخدع الإنسان و لا يغفل عنه في جميع الأوقات .
- " إن الله عنده علم الساعة " لما خصص الله هذه الأشياء عمم بجميع الأشياء فقال " إن الله عليم خبير " محيط بالظواهر و البواطن و الخفايا و السرائر و من حكمته التامة أن أخفى علم هذه الخمسة عن العباد لأن في ذلك من المصالح مالا يخفى على من تدبر  ذلك .
ك :
- " و لقد آتينا لقمان الحكمة " آية 12 اختلف السلف في لقمان هل كان نبيا أو عبدا صالحا من غير نبوة؟ على قولين الأكثرون على الثاني . و عن ابن عباس أنه كان عبدا حبشيا نجارا .
- سئل لقمان عن أسباب ما وصل إليه فقال : يا ابن أخي إن صغيت إليّ أقول لم  كنت كذلك , قال لقمان : غضّي بصري ,وكفي لساني , و عفة طعتمي ,وحفظي فرجي ,وقولي بصدق , ووفائي بعهدي , و تكرمتي ضيفي ,وحفظي جاري , و تركي مالا يعنيني فذاك الذي صيرني إلى ما ترى .
- " ولا تصعر خدك للناس " آية 18 أصل الصعر داء يأخذ الإبل في أعناقها حتى تفلت عن رؤوسها فشبه به الرجل المتكبر الذي يعرض بوجهه عن الناس إذا كلمهم أو كلموه احتقارا منه إليهم و استكبارا عليهم و إن الله ينهى عن ذلك .
ق :
- " يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل " آية 16 قصد لقمان إعلام ابنه بقدر قدرة الله تعالى و هذه الغاية التي أمكنه أن يفهمه لأن الخردلة يقال إن الحس لا يدرك لها ثقلا , إذ لا ترجح ميزانا . أي لو كان للإنسان رزق مثقال حبة خردل في هذه المواضع جاء الله بها حتى يسوقها إلى من هي رزقه , أي لا تهتم للرزق حتى تشتغل به عن أداء الفرائض .
- " واقصد في مشيك واغضض من صوتك " آية 19 اغضض من صوتك أي انقص منه أي لا تتكلف رفعا الصوت وخذ ماتحتاج إليه فإن الجهر بأكثر من الحاجة تكلف يؤذي .
- " ومن الناس من يجادل في الله بغير علم " آية 20 نزلت في يهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يامحمد أخبرني عن ربك من أي شيء هو ؟ فجاءت صاعقة فأخذته , قاله مجاهد . وقد مضى هذا في الرعد . وقيل إنها نزلت في النضر بن الحارث كان يقول إن الملائكة بنات الله .
- " و من يسلم وجهه إلى الله " أي يخلص عبادته وقصده إلى الله " وهو محسن " لأن العبادة من غير إحسان و لا معرفة القلب لا تنفع .
- " إن في ذلك لآية لكل صبار شكور " آية 31 قال عليه السلام (الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر ) .
- " و إذا غشيهم موج كالظلل " آية 32 قال مقاتل : كالجبال و قال الكلبي كالسحاب , و إنما شبه الموج و هو واحد بالظل و هو جمع لأن الموج يأتي شيئا بعد شيء ويركب بعضه بعضا كالظلل .
تم بحمد الله و نواصل مع سورة السجدة .

Comments (0)