لغتي هويتي
لم تزل شامخة بين لغات العالم , تحفها جمالياتها و تنسج حولها ربيعا من حروفها و كلماتها التي لا يضاهي و يباهي جمالها أي كلمات اللغات في العالم جلّه .
كيف لا و هي لغة اختارها الله لكتابه , و الذي نزل بحرف فصيح بليغ ( بلسانٍ عربي مبين ) , نعم بلسان عربي معجز , بلغة الضاد التي انفتقت حروفها بالفصاحة حيث لا تكاد تجد تشابها في معاني كلماتها .
معجزة هذه العربية بتعدد علومها التي خرجت منها , فعلم النحو , الصرف , التعريب , الترادف , البلاغة , العروض , الدلالة , الاشتقاق , و علم الأصوات كلها علوم تنسب لها و تثريها ببهي ما تنظمه لغتنا العربية والتي هي هويتنا و هوية ديننا الإسلامي .
«على كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده..» ( ).
وقد صار للغة العربية يوم عالمي يُحتفى فيه بها , وفي هذا اليوم العالمي جميل أن يكون كل منا قد فكر كيف سـينصـر لغته العربية و بأي طريقة؟ ابتداء بنفسه و تقويم لسانه و كتابته من الأخطاء و انتهاء بنشـر ثقافة «لنتكلم العربية فهي هويتنا».
كثيرا ما يزعجني طريقة كتابة البعض للكلمات العربية و تكرار الحرف لا أدري تحت أي باب ستندرج كلماته و قد يظنها جميلة و هي بغير هذا مثلا «أحتآآآآآآآج»...بربكم هل هذه كلمة تستحق أن توضع و كيف ستُقرأ؟!«على القارئ أن يتحول لماعز حتى يقرأها:»...!!!
اللغة العربية لا تحتاج لزخرفة بقدر ما تحتاج لرعاية و ضبط , و قد ساهمت بعض تطبيقات التشكيل الخاطئة في نشر العبارات التي تحتاج لترجمة رغم أنها عربية !
و مما يحزن هو اعتماد بعض المحسوبين على العربية أو بعض الكتاب و الناشرين على مثل هذه التطبيقات وبالتالي رسم وجه لا يسر عن العربية و إخفاء للكثير من جمالياتها .
ثم تأتي الطامة بتجاوز البعض للقواعد الإملائية ,و لا أتكلم عن الساقطة سهوا أو خطأ , لكن أعني اللامبالاة وقت الكتابة فتجدُ المرفوعَ مجرورا و المنصوبَ مرفوعا و هلم جرا دون أدنى مراقبة .
اللغة العربية بحر من الأسـرار مليء بالجواهر و الغوص فيه قمة المتعة، فبين دفتي كتاب الله ثم روائع كتب الأدب سنجد ضالتنا.
و قد حددت الأمم المتحدة يوم 18 ديسمبر يوم للاحتفاء باللغة العربية و اعتمادها لغة عالمية من ضمن خمس لغات في العالم و يكفينا شـرفا أنها لغة القرآن المنزل من السماء.
حقا لا يكفي يوم للاحتفاء بلغتنا الفاتنة و لكن يبقى هذا اليوم كتذكير ببعض حقوقها المسلوبة و إنصاف لها بتنبيه الغافلين عنها .
تحدث عنها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال ( تعلموا العربية فإنها من دينكم , و تعلموا الفرائض فإنها من دينكم ) .
و قد قال العالم الرازي عنها : لما كان المرجع في معرفة شرعنا إلى القرآن و الأخبار , وهما واردان بلغة العرب و نحوهم و تصريفهم , كان العلم بشرعنا موقوفا على العلم بعدة أمور , و ما لا يتم الواجب المطلق إلا به – و كان مقدورا للمكلف – فهو واجب .
كان للاستعمار الأجنبي و الاحتلال الذي غزى الوطن العربي أثر في ضعف هذه اللغة و قلة استخدام فصيحها بين الناس و العدول إلى العامية المختلطة بالأجنبية ما أثر ضعفا و سلبا على اللغة العربية و جعلها حصرا على الكتب و حبسا في المجلدات و قصرا على كبار المثقفين من النخب .
و لكن يبقى الأمل في إحياء اللغة بنشر الوعي و الحث على القراءة و إكرام الكُُتاب و منحهم فرصا أفضل , و إعادة ثقافة البحث و المطالعة للارتقاء بلغتنا الفارهة , لغة القرآن الخالدة .
أختم بأبيات للشاعر صقر بن سلطان القاسمي حيث يقول في هذه الأبيات الجميلة:
يا حيرة الشعر كم يلهو برونـقــــه
قوم هـم الآفة الكـبرى على الأدبِ
في كل يوم ترى في الصحف أمثلة
من الـطرافـة بين اللهـو واللعـــــبِ
سـدّوا الـفراغ بـــــــأوزان مـلفـّقة
من السـخافة كادت تخجل العربي
أئِـمّـة اللـغة الفصـحى وقـــــادتها
ألا بـدارًا فإنّ الوقـت مــــن ذهبِ
ردّوا إلى لـغة القـرآن رونقـــــها
هيّا إلـى نصـرها في جحفل لّجِـبِ
4:24:00 م |
Category:
مقالاتي
|
2
التعليقات
Comments (2)
كفى بها أنها لغة القرآن..
صدقتِ أستاذة فاطمة فللأسف لغتنا تمر بأوقات صعبة,ولربما السبب الرئيسي
هو لهجاتنا العامية ولعدم استخدام الفصحى في تعاملاتنا اليومية..
بارك الله بك إستاذة فاطمة..وفقك الله
شكرا لقراءتك و مرورك يتيم الحب , لنحاول جميعا أن نحييها .
تحيتي لك