الحمد لله فالق الحب و النوى و مخرج الحي من الميت و الميت من الحي , الحمد لله محي العظام و هي رميم , الحمد له حمدا يرضيه و يبلغنا رضاه و الصلاة على خير البرية و منقذ البشرية محمد ابن عبدالله و آله و صحبه و من تبعه و بعد 
اليوم نتاول سورة ممتلئة بالمعاني زاخرة بالفوائد شيبت بعظمها رسول الله , اليوم نحن نتنفس فوائد سورة " هود " ..و سنأخذ بداية الآيات من 1- 68 فبسم الله نبدأ 
سورة هود مكية آياتها 123 الا الآيات 12- 17- 114 فمدنية , نزلت بعد سورة يونس .
روى الحافظ ابو يعلى عن ابي بكر قال ( سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم ما شيبك ؟ قال : شيبتني هود و الواقعة و عم يتساءلون و إذا الشمس كورت ) , وروي الترمذي عن ابي بكر ( يا رسول الله قد شبت , فقال : شيبتني هود 
و الواقعة و المرسلات و عم يتساءلون و إذا الشمس كورت ) و في رواية " هود و أخواتها " .
ط :
* " كتاب أحكمت آياته " قال قتادة : أحكم الآيات من الباطل ثم فصلها بعلمه فبين حلاله و حرامه و طاعته و مغفرته .
* آية 6 " و يعلم مستقرها و مستودعها " المستقر حيث تأوي و المستودع حيث تموت .
* آية 7 " و كان عرشه على الماء " دليل على أن العرش و الماء كانا موجودين قبل خلق الأرض و السماء .
* آية 12 " و ضائق به صدرك " الآية تسلية للنبي عن قول المشركين و قال الله " ضائق " و لم يقل ضيق ليدل على اتساع صدره عليه السلام و قلة ضيقه .
* آية 17  "و يتلوه شاهد منه " و يتلو القرآن شاهد من الله و هو جبريل عليه السلام و هذا قول ابن عباس و مجاهد و الضحاك و اختاره الطبري و قيل المعنى و يتبع ذلك البرهان شاهد من الله و هو القرآن و اختاره صاحب التسهيل .
* آية 18 " و يقول الأشهاد " الملائكة و الانبياء الذين شهدوا أعمالهم و هذا قول مجاهد و الضحاك و اختاره الطبري و قيل الأشهاد و الخلائق كلهم .
* آية 27 " بادي الرأي " فسر الطبري بادي الرأي أي فيما نرى و يظهر لنا و فسره غيره بمعنى أول الرأي من غير نظر و لا تدبر فكأنهم قالوا : ابتعط الأراذل من غير فكر و لا نظر و لعل هذا القول أرجح .
* " وكلما مر عليه ملأ من قولمه سخروا منه " يقولون له : تحولت نجارا بعد النبوة ! 
* آية 40 " حتى إذا جاء أمرنا و فار التنور " ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد بالتنور وجع الارض و هذا القول مروي عن ابن عباس و اختار الطبري ان المراد الذي يخبز فيه لان ذلك هو الاغلب  و الأشهر عند العرب فقد جعله الله علامة على هلاكهم .
* " و ما آمن معه إلا قليل " روى عن ابن عباس انهم كانوا ثمانين نفسا و قيل عشرة و اختار الطبري عدم التحديد .
* آية 43 " قال لا عاصم اليوم من أمر الله الا من رحم " اي لا معصوم الا من رحمه الله و قيل لا مانع اليوم من الغرق و الهلاك إلا الله إذا رحمنا أنجانا من عذابه .
* " و استوت على الجودي " هو جبل بناحية الموصل في العراق كما ذكر المفسرون .
* آي 54 " إني أُشهد الله .." جاء اللفظ في غاية الدقة في التعبير " إني أشهد الله و اشهدوا أني برئ " و لم يقل اني اشهد الله و اشهدكم  حتى لا يساوي بين شهادة الله و شهادة الخلق .
* آية 63 " فما تزيدونني غير تخسير " فما تزيدونني بعذركم غير تخسير لكم من رحمة الله و ما فسره به الطبري هو قول مجاهد حيث قال ما تزدادون أنتم إلا خسارا و ذهب ابن كثير الى ان المعنى لو تركتم دعوتكم الى الحق لما نفعتموني 
و لما زدتموني غير خسارة و هذا المعنى ارجح و الله اعلم .
س:
* آية 14 " فاعلموا أنما أنزل بعلم الله " أن مما يطلب فيه العلم و لا يكفي غلبة الظن علم القرآن و علم التوحيد لقوله .
* آية 35 " أم يقولون افتراه " يحتمل أن يعود الضمير على نوح أو على النبي محمد و تكون الآية معترضة في أثناء قصة نوح .
* آية 40 " و فار التنور " فجر الله الارض كلها عيونا حتى التنانير التي هي محل النار في العادة وأبعد ما يكون عن الماء تفجرت فالتقى الماء على أمر قد قدر .
* آية 60 " ان ربي قريب مجيب " أعلم أن قربه نوعان : عام و خاص فالقرب العام قربه بعلمه من جميع الخلق و هو المذكور في قوله ( و نحن أقرب إليه من حبل الوريد ) و القرب الخاص قربه من عابديه و سائليه و محبيه و هو المذكور 
في قوله  ( فاسجد و اقترب ) .
ك :
* آية 5 " ألا إنهم يثنون صدروهم ليستخفوا منه "  قال ابن عباس فيما رواه البخاري عنه أن الناس كانوا يستحبون ان يتخلوا فيفضوا الى السماء و ان يجامعوا نساؤهم فيفضوا الى السماء فنزل ذلك فيها و قيل : كانوا يكرهون أن يستقبلوا السماء 
بفروجهم و حال وقاعهم .
* و كان عرشه على الماء " إنما سمي العرش عرشا لارتفاعه قاله ابن عباس .
* " أمة معدودة " تستعمل الامة في القرآن و السنة في معان متعددة فيراد بها الأمة - الملة و الدين - الجماعة - الامام المقتدى به - أمه الاتباع المصدقون للرسل - الفرقة و الطائفة .
* مجرد السماع بمحمد و دينه بلاغ يلزم سامعه باتباعه .
* قال عليه السلام " ان الله ليملي للظالم حتى اذا أخذه لم يفلته " في الصحيحين .
* آية 38 " و كلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه " عندما كان يصنع السفينة كان يمر عليه ملأ من قومه و يسخرون منه و يقولون تعمل سفينة في البر فكيف تجري .؟
* " فار التنور " فار الماء من الارض .
* آية 43 " لا عاصم " اي لا معصوم كما يقال طاعم و كاس بمعني مطعوم ومكسو .
* آية 44 " واستوت على الجودي " قال قتادة قد ابقى الله سفينة نوح عليه السلام على الجودي من أرض الجزيرة عبرة و آية حتى رآها أوائل الامة .
* آي 48 " قيل يا نوح اهبط بسلام " قال محمد بن كعب دخل في هذا السلام كل مؤمن و مؤمنة الى يوم القيامة و كذلك في العذاب و المتاع كل كافر و كافرة الى يوم القيامة .
* " ألا بعدا لعاد قوم هود " قال السدي ما بعث نبي بعد عاد إلا لُعنوا على لسانه .
ق :

* في تلاوة سورة هود ما يكشف لقلوب العارفين سلطانه و بطشه فتذهل منه النفوس و تشيب منه الرؤوس .
* آية 6 " وما من دابة في الارض الا على الله رزقها " الدابة كل حيوان يدِب و الرزق حقيقته ما يتغذى به الحي و يكون فيه بقاء روحه و نماء جسده .
* و كيف أخاف الفقر و الله رزاقي     و رازق هذا الخلق في العسر و اليسر 
  تكفل بالأرزاق للخلق كلهـــــم      و للضب في البيداء و الحوت في البحر
* آية 7 " ليبلوكم أيكم أحسن عملا " ذكر أن عيسى عليه السلام مر برجل نائم فقال : يا نائم قم فتعبد , فقال : يا روح الله قد تعبدت , فقال " و بم تعبدت ؟" قال : قد تركت الدنيا لأهلها , قال: نم فقد فقتَ العابدين .
* قال الضحاك : أيكم أكثر شكرا لله , و قال مقاتل : أيكم أتقى لله ,و قال ابن عباس : أيكم أعمل بطاعة الله وروي عن ابن عمر ان النبي قال ( ايكم أحسن عقلا و أورع عن محارم الله و أسرع في طاعة الله )
* آية 12 " و ضائق به صدرك " قال ضائق و لم يقل ضّيق ليشاكل " تارك " الذي قبله و لأن الضائق عارض و الضيق ألزم منه .
* أية 27 " ما نراك اتبعك الا الذين هم اراذلنا " قال النحاس الاراذل هم الفقراء و الذين لا حسب لهم و الخسيسو الصناعات , وقلتُ " اي الطبري " الاراذل هنا هم الفقراء و الضعفاء كما قال هرقل لابي سفيان : أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟
فقال : بل ضعفاؤهم , فقال هم أتباع الرسل .
و ذكر ابن المبارك ان السفلة هم الذين يتقلسون و يأتون أبواب القضاة و السلاطين يطلبون الشهادات و قال ثعلب عن ابن الاعرابي ان السفلة الذين يأكلون الدنيا بدينهم , قيل له فمن سفلة السفلة ؟ قال : الذين يصلح دنيا غيره بفساد دينه .
و سئل علي رضي الله عنه عن السفلة فقال : الذين اذا اجتمعوا غلبوا و اذا تفرقوا لم يعرفوا , و قيل لمالك بن أنس من السفلة ؟ فقال الذي يسب الصحابة .
*آية 38 " و يصنع الفلك " قال زيد بن أسلم : مكث نوح صلى الله عليه و سلم مائة سنة يغرس الشجر و يقطعها و ييبسها  ومائة سنة يعملها .
* آية 42 " و هي تجري بهم في موج كالجبال " الموج جمع موجة و هي ما ارتفع من جملة الماء الكثير عند اشتداد الريح .
* آية 62 " قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا " قيل كان صالح يعيب آلهتهم و يشنؤها و كانوا يرجون رجوعه الى دينهم فلما دعاهم الى الله قالوا : انقطع رجاؤنا منك .
تمت بحمد الله ما تيسر من هذه الآيات فهما و جمعا و تبقي الجزء الأخير من سورة هود ..شكر الله لكم حسن قرائتكم .

Comments (0)