في المال و لا في الحال و في الحديد و لا في العبيد و غيرها من العبارات المرضية للنفس بعد الإصابة بالعين الحاسدة أو العائنة .
فهل تجلب كثرة النعم العين الحاسدة أو العائنة أم أن الأمر يتعدى لأكثر من هذا ؟ كما قيل يَحسُدون المسكين على ميتة الجمعة .
و كما يُنسب ليزيد بن معاوية قوله:
هـــم يَحســـدوني علــى مَوتي فــوا أسَــفــا
حتـــى علــى الــمـوت ِ لا أخــلو من الحسدِ
يقول الله سبحانه ( وإن يَكادُ الذينَ كَفرُوا ليُزلقونكَ بِأبصارِهمْ لما سَمِعوا الذكرَ ويقولونَ إنِّهُ لمجنونٌ ومَا هُوَ إلا ذِكْرٌ للعَالمين )
و يُزلقونك أي يحسدونك لبُغضهم إياك , و لابن القيم في كتابه بدائع الفوائد معنى لطيف في أصل الحسد : و هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها و يقول عن العين في الزاد " هي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطيه تارة " . و في بدائع الفوائد كذلك: (العائن والحاسد يشتركان في شيء ويفترقان في شيء ، فيشتركان في أن كل واحد منها تتكيف نفسه ، وتتوجه نحو من يريد أذاه).و هنا لعل ابن القيم يشير إلى أنها بإرادة الشخص المؤذي و بقرار من عينه الحارة حيث يصيب المرء أهله بالعين لكنه لا يصيبهم بالحسد ,فالحسد لا يكون إلا من غِل ,
و تحمل المواقف طرافة مشوبة بخوف و قد تحمل إصابة أو ألما مزمنا أو تفرقة بسبب الرعب من النتائج المتحصلة من وراء علاقات بأناس عيانين .
العين و الحسد وُجدا في كل الحضارات و عند كل الشعوب باختلاف في المـُسّبِب و تَوافُق في النتيجة و تَنوعٌ في طريقة الوقاية , بينت دلالاتُ الرسوم والكتابات القديمة وجود هذه الآفة منذ القدم و شرحت طقوسَ العلاج منها حيث ترتبط الأرواح الشريرة كما يزعمون بهذه الانتقالات التي تسبب الأذى للغير عمدا أو دون قصد .
أما عند المسلمين فالعينُ حقٌ ، مذمومٌ صاحبها مأمورٌ بالاغتسال لمن آذاه ، حذره النبي بقوله ( علام يقتل أحدكم أخاه ) ثم علّمه أن ذكر الله كفيل بحفظ الأنفس و الأموال .
لكن ما سرُّ إصابةِ العين الحاسدة للغير ؟ هل هي طاقات سلبية عظيمة تنتقل بإرادة أو عفويا من الحاسد أو العائن ؟ أم هي نزعات شيطانية تزول عنهم بالمداومة على الأذكار والتحصينات ؟ هل للجن تدخل أم هل للتركيز على الشيء سبب؟ هل هو مرض نفسي يمكن علاجه بشيء من الحُبِّ للنفس والقناعة بما آتاها الله .؟
هل تخرج أشعة حقيقية غير ملموسة ولا محسوسة فتصيب الهدف ؟ أخبرنا النبي أنها تُدْخِل الرجل القبر فهل لشيء بسيط أن يسبب الموت .؟! حقيقة كثرة القصص حول العين الحاسدة والعائنة ترسم خطا واضحا حول خطر النتائج لكنها ما زالت ترسم استفهاما كبيرا حول كيفية حدوثه .
أخيرا ألا يمكن تسخير تلك العيون الحاسدة وتصويبها نحو الأعداء ما دامت مُضرة ؟ أو استعمالها بشكل مجدي لعمل جيد كما نستعمل النار في الصناعة !تكثر التساؤلات التي تطرح نفسها و لكن يبقى أن الإنسان جاذب لما يخشاه و مُتسبب بنسبة كبيرة من الإصابة بعدم رقيته لنفسه و التي ترسم هالةً مقاومة للطاقة السلبية التي يرسلها العائن أو الحاسد , ظهرت أمراض بسبب هذه المعضلة و كانت أمراضا مزمنة مختلفة عن بقية الأمراض في عدم استجابتها للعلاج الطبي لكن بقيت علاجاتها
منحصرة بالرقية و القرآن و شربُ ماء زمزم عند المسلمين و بالتعليقات و التعويذات عند غيرهم و اعتقاد أن لون معين يدفع العين الشريرة و كثير من الطقوس على مستوى العالم كله تميل بعضها لحد الخرف و بعضها لحد الهرطقة و بعضها لحد الجحود .
قديما في حضرموت كان يُدفن العائن بعد تكفينه و هو حي ويقال أن هذه الطريقة كفيلة بكَسر نَفْسِه وَ إضعاف طاقته السلبية ويبقى للعالم طقوس .
1:56:00 م |
Category:
مقالاتي
|
0
التعليقات
Comments (0)