الكتابة فن و الفن سمو روح ,تبقى الكتابة لغة خاصة بشفرات تتسلل إلى دواخل النفوس فترسمها ,لا شئ كالكتابة نفر منها إليها .
و لهذه الكتابة دلالات و معاني تعبرها أعين المختصين في علم تعبير هذه الحروف , علم ما يسمى تحليل الخط أو تحليل الشخصية من خلال الكتابة اليدوية , ظهر هذا العلم منذ القدم , يقول ابن خلدون في مقدمته : الخط رسوم و أشكال تدل على الكلمات المسموعة الدالة على مافي النفس .
و يقول ابن أبي داؤود :القلم سفير العقل و رسوله الأنبل و لسانه الأطول و ترجمانه الأفضل , و قيل القلم لسان اليد .
من هذا المنطلق كانت الأحرف و الكلمات مطايا لما في النفوس من مشاعر و توجهات و تعلقات و آمال ترسم بشفافية ما يخرج بلا تكلف من النفس
فيهتدي قارئ الخط بمهارة و على خطوط و أسس منضطبة يسير عليها لا بشعوذة و دجل , يصل إلى توقع ظني يكاد يوافق الحقيقة إن لم يكن قد وافقها خصوصا كلما كان الممارس ماهرا في صنعته .
يقول ابن الرومي :
لعمرك ما السيف سيف الكمى / بأخوف من قلم الكاتب
له شــــــــــــــاهد إن تأملته / ظهرت على سره الغائب
و هذا هو مقصود علم التحليل ( الجرافولوجي ) الذي يعود لماض بعيد استدل فيه الإنسان على المضمون الداخلي بالظاهر الخارجي و صقلت الموهبة فيه الكثير فكان علم الفراسة الثابت و المعروف .
في الخط يكتب الإنسان دون وعي منه مشاعره و آلامه , حزنه و خوفه , بل قد تصل حتى لأعمال و صفات يدوام عليها سواء جيدة أم غير ذلك و باندماج الحالة العقلية مع اليد الكاتبة يجد المحلل هذه الرسائل في طريقة الحروف و الكلمات المرسومة all men have not the same writing.."أرسطو"
بالطبع فجميع البشر ليس لديهم نفس الكتابة , لذا فهي بصمة للروح لا شك في هذا .
تطور هذا العلم كثيرا و تمت دراسة فلسفة الحروف و مقاصدها و كانت مدارس نظرية لهذا العلم في ألمانيا و فرنسا ضمن معايير و قياسات معينة للحرف .
يقول الدكتور حمود الصميلي الرجل المدهش الذي بدأت دراسة هذا العلم على يديه :
( دراسة تحليل الخط هي دراسة أشكال و أنماط الكتابة اليدوية لتحديد السمات و السلوك للكاتب و لا يشترط للمحلل أن يتقن اللغة التي يحلل خطها كما يضيف أن التحليل لا يستخدم كدليل قطعي وإنما يعتبر من القرائن و المكملات و لا علاقة له بالجنس و العرق و الثقافة ) .
يوظف الغرب هذا العلم كثيرا و يعتمدون عليه اعتمادا فاعلا فتستخدمه شركات التوظيف للاختيار الصحيح للمتقدمين للعمل و تدرسه الجامعات في ألمانيا و فرنسا وسويسرا كقسم من أقسام علم النفس , و يستعمل أمنيا سواء في البنوك أو مع الشرطة في القضايا الأمنية و الجنائية بيد أن استعماله هنا ما زال مقننا و مقتصرا جدا ربما للشك الذي يراود البعض من مدى صحة هذا العلم من عدمه و انبهارهم من نتائج التحليل التي تظهر رغم أنهم لا يعملون أنهم من أرسلوا الصفات في ثنايا الخط المرسوم .
بالطبع لهذا العلم قواعد و أسس يتنقل فيها الدارس من مستوى لمستوى يدرس فيها شكل الحرف و نمطه , قياساته , أبعاده و زواياه , ميله و سمكه , طريقة رسم الحروف في بداية الكلمة و نهايتها , شكل السطر العام و حجم الهوامش و كل تفاصيل قد تدهش القارئ و تمتع المحلل .
كما لا يخفى سر التوقيع الذي يحمل الكثير و الكثير من أسرار الهوية , فليس هو مجرد شخبطات فارغة و لكنه إثبات رسمي للشخص شاء أم أبى و له أيضا قواعد تحدد مظهره و تدرس شفرته و توصل البينة لصاحبه .
نهاية هذا العلم أمانة بين يدي المحللين فلا يفرطون في تحليل خطوط من حولهم و يفضحون أسرارهم بل يقدمون النصح و التوجيه بالأدب و بتغليفة أنيقة و توليفة رائعة من العلم و البيان و النصح .
9:10:00 ص |
Category:
مقالاتي
|
0
التعليقات
Comments (0)