سورة يس~
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده و آله وصحبه ومن تبعه 
سورة يس من سور القرآن الكريم المكية، وتأخذ الترتيب السادس والثلاثون من المصحف الشريف، وسُميت كذلك لافتتاحها بهذا اللفظ. عدد آياتها ثلاث وثمانون آية
سورة يس
ن : 
- قوله تعالى " إنـا نحن نحيي الموتى و نكتب ما قدموا و آثارهم " قال أبو سعيد الخدري : كان بنو سلمة في ناحية من المدينة , فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب مسجد , فنزلت هذه الآية - إنا نحن نحيي الموتى و نكتب ما قدموا و آثارهم - فقال لهم النبيّ صلى الله عليه و سلم : إن آثاركم نكتب فلم تنتقلون ؟. 
- قوله تعالى " قال من يحيي العظام و هي رميم " قال المفسرون : إن أُبيّ بن خلف أتى النبي صلى الله عليه و سلم بعظم حائل , فقال : يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمّ ؟
فقال : نعم , و يبعثك و يدخلك في النار ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية .
ط :
- قوله تعالى " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون " ( آية 8 ) جعلنا أيمان هؤلاء الكفار مغلولة إلى أعناقهم بالأغلال ؛ هذا على قول الأكثرين من باب التمثيل , فقد شبه تعالى الكفار في عدم إيمانهم و إقبالهم على فعل الخير , بمن رُبطت يداه بسلاسل و قيود حديدية مع عنقه , فأصبح مرفوع الرأس لا يستطيع أن يحرك يديه يمنة ولا يسرة , و هو تمثيل رائع في الصورة و البيان .
قوله تعالى " فهم مقمحون " يرفعون رؤوسهم , و يغضون أبصارهم .
- قوله تعالى " و كل شيء أحصيناه في إمام مبين " ( آية 12 ) أثبتناه في أم الكتاب - اللوح المحفوظ - .
- قوله تعالى " و اضرب لهم مثلا أصحاب القرية " ( آية 13 ) أصحاب قرية " أنطاكية " .
- قوله تعالى " لينذر من كان حيًّا " ( آية 70 ) المراد بالحيّ هنا حيّ القلب , حيّ البصر و هو المؤمن .
- قوله تعالى " و هم لهم جند محضرون " ( آية 75 ) و المشركون يغضبون للآلهة في الدنيا , في الآية تشبيه أي إن المشركين كالجند و الخدم للأصنام , يغضبون من أجلهم , و يفدونهم بالروح 
و الولد , و الأصنام لا تسوق لهم خيرًا , و لا تدفع عنهم ضُـرًّا ؛ فهم كالخُدَّام للأصنام . 
س :
- قوله تعالى " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا " ( آية 8 ) هي جمع " غل " و " الغل " ما يغل به العنق , فهو للعنق , بمنزلة القيد للرجل . 
ك : 
- قوله تعالى " و نكتب ما قدّموا و آثارهم " ( آية 12 ) أي من الأعمال , و في قوله تعالى " و آثارهم " قولان : الأول : نكتب أعمالهم التي باشروها بأنفسهم , و آثارهم التي تركوها من بعدهم .
الثاني : أن المراد بذلك : آثار خطاهم إلى الطاعة أو المعصية . 
- قوله تعالى " و ما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء و ما كنا منزلين " ( آية 28 ) قيل أن الرسل الثلاثة رسل المسيح عليه السلام إلى بلدة انطاكية و هذا غير صحيح من وجوه : 
1- لو كانوا رسلا للمسيح عليه السلام لقالوا عبارة لقالوا عبارة تناسب أنهم مرسلون من قبله .
2- المعلوم أن أهل انطاكية آمنوا برسل المسيح و هي أول مدينة آمنت بالمسيح , بينما ذكر الله أن أهل هذه القرية كذبوا رسله و أنه أهلكهم بصيحة واحدة أخمدتهم .
3- ذكر أبو سعيد الخدري رضي الله عنه و غير واحد من السلف أن الله تعالى بعد إنزاله التوراة لم يهلك أمةً من الأمم عن آخرهم بعذاب يبعثه عليهم , بل أمر المؤمنين بعد ذلك بقتال المشركين .
ق : 
و هي مكية بالإجماع . و هي ثلاث و ثمانون آية ؛ إلا أن فرقة قالت : إن قوله تعالى " و نكتب ما قدموا و آثارهم " ( يس~ : 12 ) نزلت في بني سلِمة من الأنصار حين أرادوا أن يتركوا ديارهم , و ينتقلوا إلى جوار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم . و ذكر الآجُرِّي من حديث أم الدرداء عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من ميّت يُقرأ عليه سورة يس~ إلا هوّن الله عليه ) . 
قال ابن عباس : من قرأ " يس~ " حين يصبح أعطي يُسْر يومه حتى يُمسي و من قرأها في صدر ليلته أعطي يُسْر ليلته حتى يُصبح . 
- قوله تعالى " إنا نحن نحيي الموتى و نكتب ما قدّموا و آثارهم " ( آية 12 ) فيها مسائل : الأولى : أخبرنا تعالى بإحيائه الموتى ردًّا على الكفرة . الثانية : و إحصاء كل شيء و كل ما يصنعه الإنسان . 
الثالثة : في هذه الأحاديث المفسّرة لمعنى الآية دليل على أن البعد من المسجد أفضل . 
- قوله تعالى " و جاء من أقصى المدينة رجلٌ يسعى " ( آية 20 ) هو حبيب بن مري و كان نجارًا . و قيل : إسكافًا . و قيل : قصّارًا . و قال ابن عباس و مجاهد و مقاتل : هو حبيب / بن إسرائيل النجار و كان يَنْحَت الأصنام , و هو ممن آمن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم و بينهما ستمائة سنة , كما آمن به تُبّع الأَكبر و ورَقة بن نوفل و غيرهما . 
- قوله تعالى " و آيةٌ لهم الليل نَسْلَخُ منه النهار " ( آية 37 ) أي و علامة دالة على توحيد الله و قدرته و وجوب إلاهيَّته . و السلخ : الكشط و النزع ؛ يقال : سلخه الله من دينه , ثم تستعمل بمعنى الإخراج . 
- قوله تعالى " و الشمس تجري لمستقرٍّ لها " ( آية 38 ) قال : ( مستقرها تحت العرش ) . 
- قوله تعالى " حتى عاد كالعرجون القديم " ( آية 39 ) قال الزجاج : هو عود العِذْق الذي عليه الشماريخ , و هو فُعْلون من الانعراج و هو الانعطاف , أي سار في منازله , فإذا كان في آخرها دقّ و استقوس و ضاق حتى صار كالعُرجون .  و قال قتادة : هو العِذْق اليابس المنحني من النخلة . 
- قوله تعالى " و آيةٌ لهم " ( آية 41 ) يحتمل ثلاثة معان : أحدها عبرة لهم ؛ لأن في الآيات اعتبارًا . الثاني نعمة عليهم ؛ لأن في الآيات إنعامًا . الثالث إنذار لهم ؛ لأن في الآيات إنذارًا . 
- قوله تعالى " و إذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم " ( آية 45 ) قال قتادة : يعني " اتقوا ما بين أيديكم " أي من الوقائع فيمن كان قبلكم من الأمم , " و ما خلفكم " من الآخرة .
قال ابن عباس و ابن جُبير و مجاهد : " ما بين أيديكم " ما مضى من الذنوب , " و ما خلفكم " ما يأتي من الذنوب . 
- قوله تعالى " جبِّلا كثيرا " ( آية 62 ) أي خلقًا كثيرًا ؛ قاله مجاهد . قتادة : جموعًا كثيرة . 
- قوله تعالى " اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم و تشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون " ( آية 65 ) قيل في سبب الختم أربعة أوجه : أحدها : لأنهم قالوا / " والله ربنا ما كنا مشركين " ( الأنعام : 23 ) فختم الله على أفواههم حتى نطقت جوارحهم ؛ قاله أبو موسى الأشعري . الثاني : ليعرفهم أهل الموقف فيتميزون منهم ؛ قاله ابن زياد . الثالث : لأن إقرار غير الناطق أبلغ في الحجة من إقرار الناطق ؛ لخروجه مخرج الإعجاز , إن كان يومًا لا يحتاج إلى إعجاز . الرابع : ليعلم أن أعضاءه التي كانت أعوانًا في حق نفسه صارت عليه شهودًا في حق ربه .
- قوله تعالى " و ضرب لنا مثلا و نَسِيَ خلقه قال من يحيي العظام و هي رميم " ( آية 78 ) فيها مسألتان : الأولى : قوله تعالى " و ضرب لنا مثلا و نسي خلقه " أي و نسي أنا أنشأناه من نطفة ميتة 
فركبنا فيه الحياة . أي جوابه من نفسه حاضر , ففي هذا دليل على صحة القياس ؛ لأن الله جل و عز احتج على منكري البعث بالنشأة الأولى .
الثانية : في هذه الآية دليل على أن العظام حياة و أنها تنجس بالموت . و هو قول أبي حنيفة و بعض أصحاب الشافعي . 
تم بحمد الله و نكمل مع سورة الصافات .  

Comments (0)