الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد , و الصلاة  والسلام على النبي الأمي و آله و من تبعه إلى يوم الدي و بعد ..
نستكمل مائدتنا  اليوم مع سورة القصص  , هي من السور المكية عدا بعض الآيات على ما سيأتي ذكره لاحقا و ترتيبها 28 بين سور القرآن , نزلت بعد سورة النمل وعدد آياتها 88 آية .
ن :
- قوله تعالى ( إنك لا تهدي من أحببت ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه ( أي أبو طالب ) قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة , قال : لولا أن تعيرني نساء قريش يقلن أنه حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك فنزلت الآية .
- قوله تعالى ( و قالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ) نزلت في الحرث بن عثمان بن عبدمناف و ذلك أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إنا نعلم أن الذي تقول حق و لكن يمنعنا من اتباعك أن العرب تخطفنا من أرضنا لإجماعهم على خلافنا و لاطاقة لنا بهم فأنزل الله الآيات .
- قوله تعالى ( أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لا قيه ) عن مجاهد في هذه الآية قال : نزلت في علي وحمزة و أبي جهل . و قال السدي : نزلت في عمار و الوليد بن المغيرة و قيل نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم و أبي جهل .
- قوله تعالى ( و ربك يخلق ما يشاء و يختار ) قال أهل التفسير نزلت جوابا للوليد بن المغيرة حين قال فيما أخبر الله عنه أنه لا يبعث الرسل باختياره .
ط :
- آية 6 " و نمكن لهم في الأرض " أي نوطئ لهم في أرض الشام ومصر , و المراد بالتوطيء أي التمليك ، أي نملكهم أرض الشام و مصر و قد ذكرت في هذه السورة الكريمة قصة موسى عليه السلام موضحة مفصلة من حين الولادة إلى حين الرسالة و فيها من غرائب الأحداث العجيبة ما يبهر العقول .
- آية 8 " فالتقطه آل فرعون " فأخذه آل فرعون فكانت عاقب ذلك أن صار لهم عدوا و حزنا , و لا م "ليكون " تسمى لام العاقبة لأنهم إنما أخذوه ليكون لهم قرة عين  فكانت عاقبة ذلك أن صار لهم عدوا و مصدر حزن و ألم و هذا كقول الشاعر : ودورنا لخراب الدهر نبنيها .
- آية 26 " إن خير من استأجرت القو ي الأمين " القوي على حفظ الماشية و إصلاحها , الأمين الذي لا تخاف خيانته , و نقل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنها عرفت ذلك فراسة , ونقل عن غيره أنها عرفت ذلك مما رأته منه , فعرفت قوته من رفعه الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال , و عرفت أمانته لأنه أمرها أن تسير خلفه لا أمامه لتدله على الطريق .
- آية 57 " و قالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا " قالت قريش : إن نتبع الحق الذي جئتنا به يا محمد يتخطفنا الناس من أرضنا باجتماعهم على حربنا .
- آية 82 " يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر " ويكأن كلمة تفيد التعجب مكونة من " وي " بمعنى أعجب و " كأن " التي هي للتشبيه و معناها اعجب يا هذا .
- آية 84 " من جاء بالحسنة فله خير منها " أول الإمام ابن جرير الحسنة بالإيمان و السيئة بالشرك لأنهما أساس قبول العمل , فلا تقبل الحسنات ولو كثرت إذا كان صاحبها مشركا و الأولى أن تحمل الآية على عمومها أي ثواب الله خير من حسنة العبد مهما كانت هذه الحسنة فإن الله يضاعف الحسنات و يجازي على السيئات بالمثل دون زيادة .
س : 
- آية 4 " و جعل أهلها شيعا " أي طوائف متفرقة يتصرف فيهم بشهوته و ينفذ فيهم ما أراد من قهره و سطوته .
- آية 5  " و نريد أن نمن على لذين استضعفوا " بأن نزيل عنهم مواد الاستضعاف و نهلك من قاومهم و نخذل من ناوأهم .
- آية 15 " فوكز موسى فقضى عليه " أي أماته من تلك الوكزة لشدتها و قوة موسى .
 فوائد من قصة موسى الواردة في السورة :
- أن الأمة المستضعفة لو بلغت في الضعف ما بلغت لا ينبغي لها أن يستولي عليها الكسل عن طلب حقها .
- أن الأمة ما دامت ذليلة مقهورة لا تأخذ حقها و لا تتكلم به لا يقوم لها أمر دينها و لا دنياها و لا يكون لها إمامة فيه .
- أن الخوف الطبيعي من الخلق لا ينافي كمال الإيمان و لا يزيله كما جرى لأم موسى و لموسى من تلك المخاوف .
- أن الإيمان يزيد وينقص و أن من أعظم مايزيد به الإيمان و يتم به اليقين الصبر عند الموعدات و التثبيت من الله " لولا أن ربطنا على قلبها "
- جواز خروج المرأة في حوائجها و تكليمها للرجال من غير محذور كما جرى لأخت موسى و ابنتي صاحب مدين .
- أن قتل الكافر الذي له عهد له أو عرف لا يجوز .
- أنه إذا خاف القتل والتلف في الإقامة فإنه لا يلقى بيده إلى التهلكة و لا يستسلم لذلك بل يذهب عنه كما فعل موسى .
- أنه عند تزاحم المفسدتين إذا كان لا بد من ارتكاب إحداهما فإنه يرتكب الأخف منهما و الأسلم .
- أن الرحمة بالخلق و الإحسان على من  يعرف و من لا يعرف من أخلاق الأنبياء .
- استحباب الدعاء بتبيين الحال وشرحها ولو كان الله عالما بها لأنه تعالى يحب تضرع عبده " رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير " .
- أن الحياء خصوصا من الكرام من الأخلاق الممدوحة .
- المكافأة على الإحسان لم يزل دأب الأمم السابقين .
- مشروعية الإجارة و أنها تجوز على رعاية الغنم و نحوها مما لا يقدر به العمل و إنما مرده العرف . و تجوز الإجارة بالمنفعة و لو كانت المنفعة بضعا .
- أن خطبة الرجل لابنته الذي يتخيره لا يلام عليه .
- من مكارم الأخلاق أن يحسن خلقه لأجيره و خادمه و لا يشق عليه بالعمل "  وما أريد أن أشق عليك " .
- جواز عقد الإجارة و غيرها من العقود من دون إشهاد " و الله على ما نقول وكيل " .
ك : لا يوجد 
ق :
- سورة القصص مكية إلا آية 55 فمدنية و آية 85 فالبجحفة أثناء الهجرة , نزلت بعد سورة النمل .
- آية 7 " و أوحينا إلى أم موسى " لا تخافي و فيه وجهان : أحدهما لا تخافي عليه الغرق قاله ابن زيد, الثاني لا تخافي عليه الضيعة قاله يحي بن سلام , و " لا تحزني " فيه أيضا وجهان : لا تحزني لفراقه وقاله ابن زيد , و الثاني لا تحزني أن يقتل و قاله يحي بن سلام .
- آية 9 " و هم لا يشعرون " هذا ابتداء كلام من الله تعالى أي وهم لا يشعرون أن هلاكهم بسببه . وقيل : هو من كلام المرأة , أي و بنو إسرائيل لا يدرون أنا التقطناه و لا يشعرون إلا أنه ولدنا .
- آية 13 " و لكن أكثرهم لا يعلمون " يعني أكثر آل فرعون لا يعلمون أي كانوا في غفلة عن التقدير و سر القضاء , وقيل : أي أكثر الناس لا يعلمون أن وعد الله في كل ما وعد حق .
- آية 23 " ولما ورد ماء مدين " ورد الماء معناه بلغه لا أنه دخل فيه .
- آية 85 " إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد " ختم السورة ببشارة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم برده إلى مكة قاهرا لأعدائه , وقيل بشارة له بالجنة و الأول أكثر .
تمت بحمد الله هذه الفوائد من سورة القصص و موعدنا القادم إن شاء الله مع سورة العنكبوت .  

Comments (0)