الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على محمد عبده و آله وصحبه و من تبعه و بعد ؛ نقف اليوم مع آيات سورة الروم لننهي رحلة رمضان هذا العام بعد شكر الله على ما وفق .
سورة الروم سورة مكية عدا آية 17 فمدنية على ما قيل , آياتها ستون و نزلت بعد سورة الانشقاق .
ن : 
- آية 1-2 " الم غلبت الروم " عن عطية العوفي , عن أبي سعيد الخدري قال : لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس , فأعجب المؤمنون بظهور الروم على فارس . 
ط :
- آية 2-3 " غلبت الروم في أدنى الأرض " غلبت فارسُ الرومَ في أدنى الأرض من أرض الشام إلى أرض فارس .
- آية 10 " ثم كان عاقبة الذين أساءُوا السُّوأى " السُّوأى : أي العقوبة التي هي أسوأ العقوبات و هي نار جهنم كما قال ابن عباس و قتادة . 
- آية 12 " و يوم تقوم الساعة يُـبْـلِسُ المجرمون " و يوم تجيء الساعة ييأس الذين أشركوا بالله ؛ هكذا فسره الطبري و هو منقول عن ابن عباس , و قال مجاهد : يفتضح المجرمون , قال القرطبي : و المعروف في اللغة : أبلس الرجلُ إذا سكت و انقطعت حجته . 
- آية 25 " ثم إذا دعاكم دعوةً من الأرض إذا أنتم تَخْرُجُون " المراد إذا دعيتم إلى الخروج من القبور للحساب و الجزاء , و ذلك حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية , يقول : يا أهل القبور قوموا , فلا تبقى نسمة إلا قامت تنظر . 
- آية 34 " فتَمتَّعوا فسوف تَعلَمون " هذا على وجه الوعيد و التهديد لا على سبيل الإباحة و الأمر . 
- آية 43 " يومئذٍ يَصَّدَّعُون " في ذلك اليوم يتفرق الناس فرقتين : فريق في الجنة , و فريق في السعير . 
- آية 57 " و لا هم يُسْتَـعْـتَــبُـونَ " و لا هم يسترجعون عما كانوا يكذبون به في الدنيا , هكذا فسره الطبري , و قال غيره : لا يطلب منهم الرضا , فلا يقال لهم : أرضوا ربكم بطاعة أو توبة ؛ لأنه قد فات أوان التوبة , و هو الأرجح . 
س : 
- آية 10 " ثم كان عاقبة الذين أساءوا " أي : المسيئين , " السوأى " أي : الحالة السيئة الشنيعة .
- آية 12 " يبلس المجرمون " أي : ييأسون من كل خير .
- آية 55 " يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة  كذلك كانوا يؤفكون " ( يقسم المجرمون ) بالله أنهم ( ما لبثوا ) في الدنيا ( إلا ساعة ) . و ذلك اعتذار منهم  لعله ينفعهم العذر , و استقصار لمدة الدنيا . و لما كان قولهم كذبًا لا حقيقة له , قال تعالى : ( كذلك كانوا يؤفكون ) . 
ك : 
سورة الروم مكية و آياتها ستون , إلا الآية ( 17 ) فمدنية نزلت بعد سورة الانشقاق . 
- آية 12 " و يوم تقوم الساعة يبلس المجرمون " أي يبهت المجرمون و ييأسون و يكتئبون . 
- آية 24 " و من آياته يريكم البرق خوفًا و طمعًا " أي تارةً تخافون صواعقه و تارة ترجون مطره و غيثه . 
- آية 41 " ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس " أي بأن النقص في الزروع و الثمار بسبب المعاصي و قال أبو العالية : من عصى الله في الأرض فقد أفسد في الأرض . لأن صلاح الأرض و السماء بالطاعة , و لهذا جاء في الحديث الذي رواه أبو داود :437 " لحدٌّ يقام في الأرض  أحبُّ إلي أهلها من أن يُمطروا أربعين سنة صباحًا " . 
- آية 48 " الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابًا فيبسطه في السماء كيف يشاء و يجعله كسفًا " أي قطعًا سوداء ثقيلة قريبة من الأرض .
ق :
- آية 9 "  كانوا أشدَّ منهم قوة و أثاروا الأرض " أي قلبوها للزراعة ؛ لأن أهل مكة لم يكونوا أهل حرث ؛ قال الله تعالى : " تُـثِـيـرُ الأَرْضَ " (البقرة 71)
- آية 10 " ثم كان عاقبة الذين أَسَـاءُوا السُّـوءَى " السّوءى فُـعْـلَى من السـوء تأنيث الأسوإ و هو الأقبح , كما أن الحسنى تأنيث الأحسن . و قيل : يعني بها ها هنا النار ؛ قاله ابن عباس .
- آية 16 " فأولـئِـك في العذابِ مُـحْـضَـرُونَ " أي مقيمون . و قيل : مجموعون . و قيل : معذبون . و قيل : نازلون .
- آية 17 " فسبحان اللهِ حينَ تُـمْـسُـونَ و حينَ تُـصْـبِـحُونَ " قوله تعالى ( فسبحان الله ) الآية فيها ثلاث أقوال : الأول : أنه خطاب للمؤمنين بالأمر بالعبادة و الحض على الصلاة في هذه الأوقات . و قال النحاس : أهل التفسير على أن هذه الآية " فسبحان الله حين تمسون و حين تصبحون " في الصلوات .
و سمعت عليّ بن سليمان يقول : حقيقته عندي : فسبحوا الله في الصلوات ؛ لأن التسبيح في الصلاة , و هو القول الثاني . و القول الثالث : فسبحوا الله حين تمسون و حين تصبحون ؛ ذكره الماوردِيّ . 
- آية 28 " ضرب الله لكم مثلًا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء " فيها مسألتان : 
الأولى : قوله تعالى : ( من أنفسكم ) ثم قال : ( من شركاء ) ؛ ثم قال : ( مما ملكت أيمانكم ) فــ"ــمـن" الأولى للابتداء ؛ كأنه قال : أخذ مثلًا و انتزعه من أقرب شيء منكم و هي أنفسكم . و الثانية للتـبـعـيـض , و الثالثة زائدة لتأكيد الاستفهام .
الثانية : قال بعض العلماء : هذه الآية أصل في الشركة بين المخلوقين لافتقار بعضهم إلى بعض و نفيها عن الله سبحانه , و ذلك أنه لما قال جل و عز : " ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم " الآية , فيجب أن يقولوا : ليس عبيدنا شركاءنا فيما رزقتنا ! 
فيقال لهم : فكيف يتصوّر أن تـنزهوا نفوسكم عن مشاركة عبيدكم و تجعلوا عبيدي شركائي في خلقي ؛ فهذا حكم فاسد و قلة نظر و عَمَى قلب ! فإذا بطلت الشركة بين العبيد و سادتهم فيما يملكه السادة و الخلق كلهم عبيد الله تعالى فيبطل أن يكون شيء من العالَم شريكًا لله تعالى في شيء من أفعاله ؛ فلم يبق إلا أنه واحد يستحيل أن يكون له شريك . 
و هذه المسألة أفضل للطالب من حفظ ديوان كامل في الفقه ؛ لأن جميع العبادات البدنية لا تصح إلا بتصحيح هذه المسألة في القلب , فافهم ذلك .
- آية 35 " أم أنـزلـنـا عليهم سلطانًا فهو يتكلمُ بما كانوا به يشركون " قوله تعالى : ( أم أنزلنا عليهم سلطانًا ) استفهام فيه معنى التوقيف . 
قال الضحاك : ( سُـلْـطَـانًا ) أي كتابًا ؛ و قاله قتادة و الربيع بن أنس . و أضاف الكلام إلى الكتاب توسُّـعًـا . 
- آية 52 " فإنَّك لا تُـسْـمِـعُ المَوتَى و لا تُـسْـمِـع الصُّـمَّ الدعاءَ إذا وَلَّـوا مُدبِرِين " قوله تعالى : ( فإنك لا تُسمِعُ الموتى ) أي وَضَحت الحجج يا محمد ؛ لكنهم لإلْـفِـهـم تقليد الأسلاف في الكفر ماتت عقولهم و عمِيت بصائرهم , فلا يتهيأ لك إسماعهم و هدايتهم . و هذا ردّ على القدرية . 

  تم بحمد الله , و الموعد رمضان القادم مع موائد رمضان و بداية سورة لقمان إن شاء الله , إن أصبت و وُفقت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و الشيطان أرجو أن تضيف لكم موائد رمضان و أن ينفعني الله و إياكم بها .

Comments (0)