الحمد لله صاحب الفضل و الإحسان و الصلاة و السلام على النبي و خاتم الأديان و من تبعه بإحسان ليوم الدين 
نرتع اليوم في ظلال سورة الأنبياء ,من السور المكية و هي السورة الحادية و العشرون في ترتيب المصحف و عدد آياتها 112 آية , سميت بهذا الإسم لكثرة ما ورد فيها من أسماء الأنبياء عليهم السلام .
ط :
- الآية " 1 "  ( اقترب للناس حسابهم ) دنا حساب الناس على أعمالهم في الدنيا و في ذكر اقتراب القيامة تنبيه للغافلين و زجر للمذنبين و إيقاظ لجميع  المكلفين إلى أهوال يوم القيامة .
- الآية " 69 " ( قلنا يانار كوني بردا و سلاما ) روي عن ابن عباس أنه قال : لو لم يقل " وسلاما " لأهلكته ببردها .
- الآية "81 " ( و لسيمان الريح عاصفة تجري بأمره ) تجري بسليمان حيث شاء ثم تعود به إلى بلاد الشام المباركة .
- الآية " 84 " ( و ءاتيناه أهله و مثلهم معهم ) آتينا أيوب أهله الذين هلكوا و آتيناه مثل أهله معهم , و هذا ظاهر من الآية , و الامام الطبري لم يذكر رأيه فيها و إنما ذكر قولين , الأول : أن أهله الذين هلكوا لم يحييهم الله له , وإنما أعطاه مثل أهله في الدنيا و هو قول مجاهد , و الثاني : أن الله أحيا أهله بأعيانهم و أعطاه مثلهم معهم و هو قول ابن عباس و الحسن و لعل هذا القول هو الأرجح .
- الآية " 87 " ( و ذا النون إذ ذهب مغاضبا ) أي ظن أن لن نضيق عليه فهو كما قال ابن عباس من القَدْر لا من القدرة .
- الآية " 105 " ( و لقد كتبنا في الزبور ..... يرثها عبادي الصالحون ) أن أرض الجنة يرثها عبادي العاملون بالطاعة , وقيل المراد أرض الدنيا .
- الآية " 107 " ( رحمة للعالمين ) فالمؤمن من رحم بالإيمان و الكافر دفع عنه عاجل البلاء .
س :
- الآية " 1 " ( اقترب للناس حسابهم ) معناه قولان , أحدهما : أن هذه الأمة , هي آخر الأمم ورسوله , آخر الرسل , وعلى أمته تقوم الساعة. والقول الثاني : أن المراد بقرب الحساب الموت, وأن من مات , قامت قيامته , ودخل في دار الجزاء على الأعمال , أن هذا تعجب من كل غافل معرض , لا يدري معنى يفجأة الموت.
- الآية " 19 " ( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستسحرون ) المعنى :  [ ومن عنده ] أي الملائكة [ لايستكبرون عن عبادته ولا يستسحرون ] أي : لا يملون ولا يسأمون , لشدة رغبتهم وكمال محبتهم , وقوة أبدانهم.
- الآية " 24 " ( بل أكثرهم لا يعلمون الحق ) ليس عدم علمهم بالحق لخفائه وغموضه , وإنما ذلك , لإعراضهم عنه. وإلا فلو التفتوا إليه أدنى التفات , لتبين لهم الحق من الباطل تبينا واضحاً جلياً ولهذا قال : [ فهم معرضون ].
- الآية " 30 " ( ففتقناهما ) أي : السماء بالمطر , والأرض بالنبات.
- الآية " 37 " ( خلق الإنسان من عجل ) أن المؤمنون , يستعجلون عقوبة الله للكافرين.
- الآية " 44 " ( أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون ) أي بموت أهلها وفنائهم , شيئا فشيئا , حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. فلو رأوا هذه الحالة , لم يغتروا ويستمروا على ما هم عليه.
- الآية " 47 " ( وكفى بنا حاسبين ) يعنى بذلك نفسه الكريمة , فكفى بها حاسباً , أي : عالماً بأعمال العباد , حافظاً لها , مثبتاً لها في الكتاب , عالماً بمقداريها ومقادير ثوابها , واستحقاقها , موصلاً للعمال جزاءها.
- الآية " 50 " ( وهذا ذكر مبارك أنزلناه ) سماه ذكرا , لأنه يذكر ما ركزه الله في العقول والفطر , من التصديق بالأخبار الصادقة , والأمر بالحسن عقلاً , والنهي عن القبيح عقلا.
- الآية " 56 " ( قال بل ربكم رب السموات والأرض ) الدليل العقلي : إنه قد علم كل أحد حتى هؤلاء الذين جادلهم إبراهيم , أن الله وحده , الخالق لجميع المخلوقات , من بني آدم , والملائكة , والجن , والبهائم. والسموات , والأرض , المدبر لهن , بجميع أنواع التدبير. أما الدليل السمعي : فهو المنقول عن الرسل عليهم السلام , فإن ما جاءوا به معصوم لا يغلط ولا يخبر بغير الحق.
- الآية " 73 " ( وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإتاء الزكاة ) هذا من باب عطف الخاص على العام , لشرف هاتين العبادتين وفضلهما.
- الآية " 90 " ( ويدعوننا رغباً ورهباً ) أي يسألوننا الأمور المرغوب فيها , من مصالح الدنيا والآخرة , ويتعوذون بنا , من الأمور المرهوب منها , من مضار الدارين , وهم راغبون لا غافلون , لاهون لا مدلون.
- الآية " 93 " ( وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون ) أي : تفرق الأحزاب المنتسبون لأتباع الأنبياء فرقاً , وتشتتوا , كل يدّعي أن الحق معه , والباطل مع الفريق الآخر.
  ك :
- الآية "1" ( أتى أمر الله فلاتستعجلوه ) قال ابن عباس : مالكم لا تسألون أهل الكتاب عما بأيديهم و قد حرفوه و بدلوه و زادوا فيه و نقصوا منه , و كتابكم أحدث الكتب بالله تقرأونه محضا لم يشب . رواه البخاري .
- الآية " 17" ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه ) أي من عندنا و اللهو المرأة بلسان أهل اليمن و قال عكرمة و السدي : و المراد باللهو ههنا الولد و هذا و الذي قبله متلازمان .قال إبراهيم النخعي 
( لاتخذناه ) من الحور العين و الله تعالى منزه عن اتخاذ الولد و الزوجة مطلقا ( سبحان الله عما يقولون علوا كبيرا ) و قوله تعالى ( إن كنا فاعلين ) قال قتادة و السدي وابراهيم النخعي و مغيرة : أي ما كنا
فاعلين و قال مجاهد : كل شيء في القرآن ( إن ) فهو إنكار .
- الآية " 64" ( فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ) يخبر تعالى أن قوم إبراهيم حين قال لهم ما قال ( فرجعوا إلى أنفسهم ) بالملامة لعدم حراستهم آلهتم ( إنكم أنتم الظالمون ) في إهمال حفظها
( ثم نكسوا على رؤوسهم ) أي طرقوا حيرة و عجزا عن الإجابة لما قال لهم إبراهيم ( فسألوهم إن كانوا ينطقون ) و كيف يسألونهم و يعلمون أنما هم جماد .
-  الآية " 69 " ( قلنا يانار كوني بردا و سلاما ) قال سعيد بن جبير : و يروى عن ابن عباس قال : لما ألقي ابراهيم جعل خازن المطر يقول متى أومر بالمطر فأرسله , فكان أمر الله أسرع من أمره
قال الله ( يانار كوني بردا و سلاما على إبراهيم ) قال ابن عباس : لولا أن الله عز وجل قال ( و سلاما ) للآذى إبراهيم بردها .
- الآية " 79 " ( و سخرنا مع داود الجبال يسبحن و الطير ) و ذلك لطيب صونه بتلاوة كتابه الزبور , و كان إذا ترنم به تقف الطير في الهواء فتجاوبه و ترد عليه الجبال تأويبا .
- الآية " 83 -84 " يذكر تعالى عن أيوب عليه السلام ما كان أصابه من البلاء في ماله وولده وجسده و ذلك أنه كان له من الدواب و الأنعام و الحرث شيء كثير و أولاده كثيرة و منازل مرضية فابتلي في ذلك
كله و ذهب عن آخره ثم ابتلي في جسده بالجذام سوى قلبه و لسانه يذكر بهما الله عز و جل .
- الآية " 102 " ( لا يسمعون حسيسها و هم في ما اشتهت أنفسهم خالدون ) أي حريقها في الأجساد و قوله ( و هم فيما اشتهت أنفسهم ) فسلمهم من المحذور و المرهوب ,و حصل لهم المطلوب 
و المحبوب فأولئك أولياء الله يمرون على الصراط مرا هو أسرع من البرق و يبقى الكفار فيها جثيا , و خرج بذلك من عُبد بغير رضاه كالملائكة و العزيز و عيسى و مريم و غيرهم ممن عبدوا و هم غير 
راضين و يبرأون إلى الله تعالى من ذلك .
 ق :
- الآية " 1" ( اقترب للناس حسابهم ) قال عبدالله بن مسعود :الكهف و مريم و طه و الأنبياء من العتاق الأول و هن من تلادي , يريد من قديم ما كسب و حفظ من القرآن كالمال التلاد .
- الآية " 7" ( فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) لم يختلف العلماء أن العامة عليها تقليد علمائها و كذلك أن العامة لا يجوز لها الفتيا لجهلها بالمعاني التي منها يجوز التحيليل و التحريم .
- الآية "16 " ( وما خلقنا السماء و الأرض وما بينهما لاعبين ) أي عبثا و باطلا بل للتنبيه على أن لها خالقا يجب امتثال أمره و أنه يجازي المسيء و المحسن .
- الآية " 18" ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ) أي يقهره و يهلكه و أصل الدمغ شج الرأس حتى يبلغ الدماغ و منه الدامغة .و الحق هنا القرآن و الباطل الشيطان .
- الآية " 26 " ( و قالوا اتخذ الله ولدا ) نزلت في خزاعة حيث قالوا :الملائكة بنات الله و كانوا يعبدونهم طمعا في شفاعتهم لهم .
- الآية "37 " ( خلق الإنسان من عجل ) أي ركب على العجلة فخلق عجولا . أي طبع الإنسان العجلة فيستعجل كثيرا من الأشياء و إن كانت مضرة . ثم قيل : المراد بالإنسان آدم عليه السلام , قال سعيد بن جبير و السدي : لما دخل الروح في عيني آدم عليه السلام نظر في ثمار الجنة فلما دخل جوفه اشتهى الطعام فوثب من قبل أن تبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة .
و قيل دخل آدم يوم الجمعة في آخر النهار فلما أحيا الله رأسه استعجل و طلب تتميم نفخ الروح فيه قبل غروب الشمس , قاله الكلبي و مجاهد و غيرهما .و قال أبو عبيدة و كثير من أهل المعاني  العجل الطين بلغة حِمْير و أنشدوا : و النخل ينبت بين الماء و العجل .
- الآية " 62 " ( قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا ابراهيم ) فيها  : 
* لما لم يكن السماع عاما ولا ثبتت الشهادة استفهموه هل فعل أم لا ؟
* قال علماؤنا : الكذب هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه  و الأظهر أن قول إبراهيم فيما أخبر عنه عليه السلام كان من المعاريض .
- الآية " 78 " ( إذ نفشت فيه غنم القوم ) أي رعت فيه ليلا و النفش الرعي بالليل , يقال نفشت بالليل و هملت بالنهار إذ رعت بلا راع. و أنفشها صاحبها و إبل نُفَّاش .
- ( و كنا لحكمهم شاهدين ) دليل على أن أقل الجمع اثنان .
- (  و كلا آتينا حكما و علما ) تأول قوم أن داود عليه السلام لم يخطئ في هذه النازلة بل فيها أوتي الحكم و العلم وحملوا قوله ( ففهمناها سليمان ) على أنه فضيلة له على داود و فضيلته راجعة إلى داود و الوالد تسره زيادة ولده عليه .
- و فيها اختلف العلماء في جواز الاجتهاد على الأنبياء فمنعه قوم و جوزه المحققون لأنه ليس فيه استحالة عقلية لأنه دليل شرعي فلا إحالة أن يستدل به الأغنياء .
- قال الحسن : لولا هذه الآية لرأيت القضاة هلكوا و لكنه تعالى أثنى على سليمان بصوابه و عذر داود باجتهاده .
- إنما يكون الأجر للحاكم المخطئ إذا كان عالما بالاجتهاد و السنن و القياس و قضاء من مضى , لأن اجتهاده عبادة و لا يؤجر على الخطأ بل يوضع عنه الإثم فقط , فأما من لم يكن محلا للاجتهاد فهو متكلف لا يعذر بالخطأ في الحكم بل يخاف عليه أعظم الوزر .
- أن على أصحاب الحوائط حفظ حياطنهم وزروعهم بالنهار ثم الضمان في المثل بالمثليات و بالقيمة في ذوات القيم .
- الآية " 82 " ( و من الشياطين من يغوصون له ) أي يستخرجون له الجواهر من البحر و الغوص النزول تحت الماء .
انتهت و لله الفضل و نكمل في الجزء التالي سورة الحج إن شاء الله تعالى . 

Comments (0)