الحمد لله الذي سلمنا لرمضان هذا العام و نسأله أن يتسلمه منا خالصا مقبولا و يجعلنا من العتقاء ووالدينا و المسلمين , و الفضل له و الحمد كما يحب و يرضى أن وفقنا لإتمام ماتيسر من جمع فوائد التفسير
لهذا العام  التي بدأناها من سورة الإسراء و توقفنا عند سورة الحج لنكمل في العام المقبل إن مد الله في العمر , شكري لكم متابعين ومحفزين للبقاء, و أسأل الله أن ينفعني بما كتبت و إياكم .
شكري الذي لا ينقطع لابنتي الحبيبة ندى و التي ساعدتني في التدوين و النقل لتصل إليكم المادة رغم ضيق وقت رمضان و مشاغله ,و الله أسأل أن يبارك في عمرها و عملها و يرزقها سعادة الدارين .
نختم اليوم بما تيسر جمعه من سورة الحج .
ن :
- ( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) عن قيس بن عبادة قال : سمعت أبا ذر يقول : أقسم بالله لنزلت - هذان خصمان اختصموا في ربهم - في هؤلاء الستة حمزة و عبيدة و علي بن أبي طالب و عتبة 
و شيبة و الوليد بن عتبة . رواه البخاري 
ط :
- الآية "3" ( و يتبع كل شيطان مريد ) المريد و المارد في اللغة : العاري من الخيرات من قولهم شجر أمرد إذا تعرى من الورق , و المراد هنا العاتي المتمرد على طاعة ربه .
- الآية "11" ( و من الناس من يعبد الله على حرف ) أي على شك قال الطبري : نزلت في أقوام من الأعراب كانوا يقدمون على رسول الله صلى الله عليه و سلم مهاجرين فإن نالوا رخاء من عيش بعد
الدخول في الإسلام أقاموا على الإسلام و إلا ارتدوا على أعقابهم .
- الآية " 15" ( فليمدد بسبب إلى السماء ) من كان يحسب أن لن يرزق - ( فسر الطبري النصر هنا بالرزق و الظاهر أنه على حاله من النصرة على الأعداء )- الله محمدا صلى الله عليه و سلم وأمته في
 الدنيا و الآخرة فيوسع عليهم من فضله ( فليمدد بسبب ) أي بحبل إلى سماء البيت و يعلق الحبل بالسقف ثم ليختنق به حتى يموت 
- الآية "27" ( و أذن في الناس بالحج يأتوك رجالا ) يأتون البيت مشاة على أرجلهم ( و على كل ضامر ) أي يأتون ركبانا على الإبل .
- الآية " 28" ( ليشهدوا منافع لهم و يذكروا الله في أيام معلومات ) أي كي يذكروا اسم الله تعالى في أيام التشريق , ( فكلوا منها ) أي من بهائم الأنعام و الأمر هنا كما قال الطبري أمر إباحة لا أمر إيجاب .
- الآية "30" ( فاجتبنوا الرجس من الأوثان ) قال الطبري : فإن قال قائل و هل من الأوثان ماليس برجس ؟ قيل كلها رجس و معنى الكلام فاجتنبوا الرجس الذي يكون من الأوثان أي عبادتها .
- الآية " 44 " ( فكيف كان نكير ) النكير بمعنى الإنكار يعبر به عن الهلاك العادل لأنه يستلزمه أو هو بمعنى التغيير و هذا ما ما اختاره الطبري لأنه أبدلهم بالنعمة محنة و بالحياة دمارا و بالعمران خرابا.
- الآية " 68 "  (وإن جادلوك ) كان مجادلة المشركين هو قولهم أتأكلون ما قتلتم و لا تأكلون الميتة التي قتلها الله ؟ 
- الآية " 73 " ( ضعف الطالب و المطلوب ) عجزت الآلهة عن الاستنقاذ و عجز الذباب عن خلق ذباب يقول تعالى : كيف يُجعل لي مثل في العبادة ويُشرك معي مالا قدرة له على خلق ذباب
 و أنا الخالق لما في السموات و الأرض ؟
س:
- الآية " 5 " ( لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) قوة الآدمي محفوفة بضعفين , ضعف الطفولية و ضعف الهرم و نقصه .
- الآية " 9 " ( ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله ) أي لاوي جانبه و عنقه و هذا كناية عن كبره عن الحق و احتقاره للخلق .
- الآية " 29 " ( ثم ليقضوا تفثهم ) أي يقضوا نسكهم و يزيلوا الوسخ و الأذى الذي لحقهم في حال الإحرام .
- الآية " 36 " ( فاذكروا اسم الله عليها صواف ) أي قائمات بأن تقام على قوائمها الأربع ثم تعقل يدها اليسرى ثم تنحر .
- الآية " 62 " ( ذلك بأن الله هو الحق ...و أن الله هو العلي الكبير ) من كبريائه أن العبادات كلها الصادرة من أهل السموات و الأرض كلها المقصودة منها تكبيره و تعظيمه و إجلاله و إكرامه و لهذا
كان التكبير شعارا للعبادات الكبار كالصلاة و غيرها .
ك :
- الآية " 11 " ( ومن الناس من يعبد الله على حرف ) قال كان رجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاماً , ونتجت خيله قال : هذا دين صالح , وان لم تلد امرأته ولم تنتج خيله , قال هذا دين سوء.
- الآية " 18 " ( ألم تر أن الله يسجد له من في السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم ) إنما ذكر هذه على التنصيص لأنها عبدت من دون الله فبيّن أنها تسجد لخالقها , وأنها مربوبة مسخرة.
وعن أبي هريرة قال 207 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان يبكي , يقول : ياويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة , و أمرت بالسجود فأبيت فلي النار ]
- الآية " 25 " ( الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ) أي يمنعون الناس عن الوصول إلى المسجد الحرام وقد جعله الله شرعاً سواء لا فرق فيه بين المقيم فيه والنائي عنه ومن ذلك استواء الناس 
في رباع مكة وسكانها وقد اختُلِف في جواز التملك بمكة وتوريثها وتأجيرها فذهب الشافعي إلى جواز ذلك كله.
- الآية " 34 " ( ولكل أمه جعلنا منسَكاً ليذكروا اسم الله ) يخبر تعالى : أنه لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعاً في جميع الملل.
- الآية " 36 " ( فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر ) قال بعض السلف :  قوله تعالى " فكلوا منها " أمر إباحة , وقال مالك : يستحب ذلك. واختلفوا بالمراد بالقانع والمعتر , قال عباس : القانع المستغني
بما أعطيته وهو في بيته ,والمعتر الذي يعترض لك ويلم بك أن تعطيه من اللحم ولا يسأل. وقد احتج بهذه الآية الكريمة من ذهب من العلماء إلى أن الأضحية تجزّأ ثلاثة أجزاء : فثلث لصاحبها يأكله ,
وثلث يهديه , وثلث يتصدق به على الفقراء.
- الآية " 78 " ( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ) قوله تعالى " جاهدوا في الله حق جهاده " أي جاهدوا بأموالكم وألسنتكم وأنفسكم. وقوله تعالى " هو
اجتباكم " أي والله اختاركم على سائر الأمم , وفضلكم وشرفكم بأشرف رسول وأكمل شرع. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : 250 [ بعثت بالحنيفية السمحة ] وقال لمعاذ وأبي موسى حين بعثهما
إلى اليمن : 251 [ بشّرا ولا تنفرا , ويسّرا ولا تعسّرا ].
ق :
سورة الحج , وهي مكية , سِوى ثلاثِ آيات : قوله تعالى : " هذان خصمان " [ الحج : 19 ] إلى تمام ثلاث آيات ؛ قاله ابن عباس ومجاهد. وقال الجمهور : السورة مختلطة , منها مكي ومنها مدني.
وهذا هو الأصح ؛ لأن الآيات تقتضي ذلك , لأن " يأيها الناس " مكي , و " يأيها الذين آمنوا " مدني. الغزنوي : وهي من أعاجيب السور , نزلت ليلاً ونهاراً , سفراً وحضراً , مكياً ومدنياً , سِلمياً
وحَرْبيّاً , ناسخاً ومنسوخاً , مُحكماً ومتشابهاً ؛ مختلف العدد.
- الآية " 2 " ( يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمّا أرضعت ) " ما " بمعنى المصدر ؛ أي تذهل عن الإرضاع.قال : وهذا يدل على أن هذه الزلزلة في الدنيا ؛ إذ ليس بعد البعث حَمْل وإرضاع. إلا 
أن يقال : ما ماتت حاملاً تُبعث حاملاً فتضع حملها للهَوْل. ومن ماتت مُرضعة بُعثت كذلك. قوله تعالى " وترى الناس سكارى " أي من هولها ومما يدركهم من الخوف والفزع." وماهم بسُكارى " من الخمر.
- الآية " 3 " ( ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ) قيل : المراد النضر بن الحارث , قال : إن الله عز وجل غير قادر على إحياء من قد بَلِيَ وعاد تراباً.
- الآية " 5 " ( يأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة...) قوله "إن كنتم في ريب من البعث" هذا احتجاج على العالم بالبداءة الأولى.
قوله " فإنا خلقناكم  " يعني آدم عليه السلام " من تراب " , " ثم " خلقنا ذريته ," من نطفة " وهو المنِي " , " ثم من علقة " وهو الدم الجامد " , " ثم من مضغة " وهي لحمة قليلة قدر ما يمضغ.
" مخلقة وغير مخلقة " قال الفراء : مخلقة تمت الخلق , " وغير مخلقة " السقط , وقال ابن الأعرابي : " مخلقة " قد بدأ خلقها , و" غير مخلقة " لم تصور بعد. 
ذكر القاضي إسماعيل أن عدة المرأة تنقضي بالسقط الموضوع واحتج عليه بأنه حمل.
- الآية " 29 " ( ثم ليقضوا تفثهم ) أي ثم ليقضوا بعد نحر الضحايا والهدايا ما بقي عليهم من أمر الحج ؛ كالحَلق ورمْي الجمار و إزالة شعث ونحوه. قوله تعالى " وليطوفوا بالبيت العتيق " للحج ثلاثة
أطواف : طواف القدوم , وطواف الإفاضة , وطواف الوداع. قال إسماعيل بن إسحاق : طواف القدوم سنّة , وهو ساقط عن المراهق وعن المكّي وعن كل من يُحرم بالحج من مكة.قال : والطواف
الواجب الذي لا يسقط بوجه من الوجوه , وهو طواف الإفاضة الذي يكون بعد عرفة.
- الآية " 30 " ( واجتنبوا قول الزور ) هذه الآية تضمنت الوعيد على الشهادة بالزور , وينبغي للحاكم إذا عثر على الشاهد بالزور أن يعزّره وينادي عليه لُيعرف لئلا يغترّ بشهادته أحد.
- الآية " 36 " ( من شعائر الله ) نص في أنها بعض الشعائر. وقوله : " لكم فيها خير " يريد به المنافع التي تقدم ذكره. والصواب عمومه في خير الدنيا والآخرة.
قوله تعالى " فكلوا منها " أمر معناه الندب. وكل العلماء يستحب أن يأكل الإنسان من هديه وفيه أجر وامتثال , إذ كان أهل الجاهلية لا يكألون من هديهم كما تقدم.
- الآية " 37 " ( لن ينال الله لحومها ) قال ابن عباس : كان أهل الجاهلية يضرّجون البيت بدماء البُدْن , فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك فنزلت الآية. والنَّيل لا يتعلق بالبارئ تعالى , ولكنه عبّر عنه تعبيراً
مجازياً عن القبول , المعنى : لن يصل إليه. وقال ابن عباس : لن يصعد إليه.
- الآية " 52 " ( إلا إذا تمنّى ألقى الشيطان في أُمنيته ) قلت : قوله تعالى " ليجعل ما يُلقي الشيطان فتنة " الآية , يردّ حديث النفس , وقد قال ابن عطية : لا خلاف أن إلقاء الشيطان إنما هو لألفاظ
مسموعة , بها وقعت الفتنة , فالله أعلم.
- الآية " 58 " ( والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ) أفرد ذكر المهاجرين الذين ماتوا وقُتلوا تفضيلاً لهم وتشريفاً على سائر الموتى. وسبب نزول هذه الآية أنه لما مات بالمدينة عثمان بن مَظْعُون
وأبو سلمة بن عبد الأسد قال بعض الناس : من قُتل في سبيل الله أفضل ممن مات حَتْف أنفه. فنزلت هذه الآية مُسَوّيةً بينهم , وأن الله يرزق جميعهم رزقاً حسناً.
- الآية " 68 " ( وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون ) مسألة : في هذه الآية أدبٌ حَسَنٌ علّمه الله عباده في الرّد على من جادل تعنُّتاً ومِراء ألا يجاب ولا يناظر ويُدفع بهذا القول الذي علمه الله لنبيه
صلى الله عليه وسلم.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..ألتقيكم العام المقبل إن شاء الله , ما كان من صواب فمن الله وحده  ما كان من خطأ فمن نفسي و الشيطان . 
سبحانك اللهم و بحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك .

Comments (0)