الحمد لله المعطي المنان صاحب الفضل و الإحسان , الحمد لله الذي أمد في العمر و بلغنا عامنا الرابع مع موائد رمضان القرآنية
في عامنا هذا سنكمل ما ابتدأنا من رحلة مع معاني ووقفات القرآن و سيكون ابتداؤنا من سورة يوسف
و كما اعتدنا أن نرمز للتفاسير باختصاراتها ( ن :أسباب النزول للنسابوري ) ( ق: تفسير القرطبي ) ( س: تفسير الكريم الرحمن للسعدي)
( ك: تفسير ابن كثير ) ( ق: تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ) و على الله نتوكل و به نستعين .
سورة يوسف من السور المكية إلا الآيات 1-2-3-7 فمدنية نزلت بعد سورة هود , آياتها احدى عشرة و مائة

ن :

قال عون بن عبدالله : مل أصحاب رسول الله ملة فقالوا : يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى - الله نزل أحسن الحديث _ الآية
قال :ثم إنهم ملوا ملة أخرى فقالوا : يا رسول الله فوق الحديث و دون القرآن , يعنون القصص فأنزل الله تعالى - نحن نقص عليك
أحسن القصص - فأرادوا الحديث فدلهم على أحسن الحديث و أرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص .

ط:

- آية 2 :قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إنا أنـزلنا هذا الكتاب المبين، قرآنًا عربيًّا على العرب ، لأن لسانهم وكلامهم عربي ، فأنـزلنا هذا الكتاب  بلسانهم ليعقلوه ويفقهوا منه ، وذلك قوله: (لعلكم تعقلون) .
-آية 7 : يقال: إن الله تبارك وتعالى إنما أنـزل هذه السورة على نبيه، يعلمه فيها ما لقي يوسف من أَدانيه وإخوته من الحسد ، (12) مع تكرمة الله إيَّاه  تسليةً له بذلك مما يلقى من أدانيه وأقاربه من مشركي قريش .
- آية 8 :  " العصبة " من الناس، هم عشرة فصاعدًا ، قيل: إلى خمسة عشرَ ، ليس لها واحد من لفظها ، كالنَّفر والرهط.
- آية 17 : ! فبكى الشيخ وصاح بأعلى صوته، وقال: أين القميص؟ فجاءوه بالقميص عليه دمٌ كذب ، فأخذ القميص فطرحه على وجهه ثم بكى حتى تخضَّب وجهه من دم القميص.
-آية 53 : قال أبو جعفر : يقول يوسف صلوات الله عليه: وما أبرئ نفسي من الخطأ والزلل فأزكيها ، (إن النفس لأمارة بالسوء)، يقول: إن النفوسَ نفوسَ العباد، تأمرهم بما تهواه، وإن كان هواها في غير ما فيه رضا الله ، (إلا ما رحم ربي) يقول: إلا أن يرحم ربي من شاء من خلقه ، فينجيه من اتباع هواها وطاعتها فيما تأمرُه به من السوء ، (إن ربي غفور رحيم) .
- آية 92  قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره:قال يوسف لإخوته: ( لا تثريب ) يقول:لا تعيير عليكم ولا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحقّ الأخوة ولكن لكم عندي الصفح والعفو .

س :

- آية 7 : للسائلين أي لكل من سأل عنها بلسان الحال أو المقال فإن السائلين هم الذين ينتفعون بالآيات و العبر و أما المعرضون فلا ينتفعون بالآيات و لا بالقصص
و البينات .
- آية 19 : المعنى أن السيارة لما وجدوه عزموا أن يسروا أمره و يجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم حتى جاءهم إخوته فرعموا أنه عبد أبق منهم فاشتروه
منهم بذلك الثمن و استوثقوا منهم فيه لئلا يهرب .
-آية 24 : هم فيها هما تركه لله .
- آية 25 : ((ما جزاء من أراد بأهلك سوءا)) و لم تقل (من فعل بأهلك سوءا) تبرئة لها و له من الفعل و إنما النزاع عن الارداة و المراودة .
- آية 41 : فيصلب فتأكل الطير منه , عبر عن الخبز الذي تأكله الطير بلحم رأسه و شحمه و ما فيه من المخ و أنه لا يقبر و يستر عن الطيور بل يصلب
و يجعل في محل تتمكن الطيور من أكله .
- آية 44 : و ما نحن بتأويل الأحلام بعالمين أي لا نعبر إلا لرؤيا و أما الأحلام التي هي من الشيطان أو من حديث النفس فإنا لا نعبرها فجمعوا بين الجهل
و الجزم بأمها أضغاث أحلام و الإعجاب بالنفس بحيث إنهم لم يقولوا لا نعلم تأويلها و هذا من الأمور التي لا تنبغي لأهل الدين و الحجا .
- آية 71 : قالوا ماذا تفقدون و لم يقولوا ( ما الذي سرقنا ) لجزمهم بأنهم براء من السرقة .
- آية 76 : بدأ المفتش بأوعيتهم قبل وعاء أخيه و ذلك لتزول الريبة التي يظن أنها فعلت بالقصد , و ( ثم ) لما لم يجد في أوعيتهم شيئا ( استخرجها من وعاء
أخيه ) و لم يقل " وجدها أو سرقها أخوه " مراعاة للحقيقة الواقعة .
- آية 87 : لا تيأسوا من روح الله فإن الرجاء يوجب للعبد السعي و الاجتهاد فيما رجاه و الإياس يوجب له التثاقل و التباطؤ و أولى ما رجا العباد
فضل الله و إحسانه و رحمته و روحه .
- آية 100 : و قد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وهذا من لطفه  وحسن خطابه عليه السلام حيث ذكر حاله في السجن و لم يذكر حاله في الجب لتمام
عفوه عن إخوته و أنه لا يذكر ذلك الذنب و أن إتيانكم من البادية من إحسان الله .
- آية 101 : فاطر السموات و الأرض توفني مسلما أي أدم علي الاسلام و ثبتني عليه حتى تتوفاني عليه و لم يكن هذا دعاء باستعجال الموت .
- آية 109 : من أهل القرى أي لا من البادية بل من أهل القرى الذين هم أكمل عقولا و أصح آراء و ليتبين أمرهم و يتضح شأنهم .
بعض الفوائد التي ذكرها الشيخ السعدي منفصله في فصل بعد نهاية السورة اخترت لكم بعضها:
- في السورة أصلا لتعبير الرؤيا فإن علم التعبير من العلوم المهمة التي يعطيها الله من يشاء من عباده .
- الأدلة على صحة نبوة محمد صلى الله عليه و سلم حيث قص على قومه هذه القصة الطويلة و هو لم يقرأ كتب الأولين .
- ينبغي البعد عن أسباب الشر و كتمان ما تخشى مضرته لقول يعقوب " لا تقصص رؤياك " .
-يجوز ذكر الانسان بما يكره على وجه النصيحة لغيره " فيكيدوا لك كيدا " .
- بعض الشر أهون من بعضه و ارتكاب أخف الضررين أولى من ارتكاب أعظمهما فإن إخوة يوسف لما اتفقوا على قتل يوسف أو إلقائه أرضا و قال قائل
( لا تقتلوا يوسف و ألقوه في غيابت الجب ) كان قوله أحسن منهم و أخف و بسببه خف عن إخوته الإثم الكبير .
- القرائن يعمل بها عند الاشتباه .
- علم التعبير من العلوم الشرعية و تعبير الرؤيا داخل في الفتوى لقوله ( قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ), فلا يجوز الاقدام على تعبير الرؤيا من غير علم .
- جواز استعمال المكايد التي يتوصل بها إلى الحقوق و أن العلم بالطرق الخفية الموصلة إلى مقاصدها مما يحمد عليه العبد و إنما التحيل على إسقاط واجب
أو فعل محرم .
- ينبغي للعبد أن يتملق إلى الله دائما في تثبيت إيمانه و يعمل الأسباب الموجبة لذلك و يسأل الله حسن الخاتمة و تمام النعمة .

ك :

-آية 4 يقول الرسول فيما أخرجه البخاري ( الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم , يوسف بن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم )
- قال ابن عباس : رؤيا الأنبياء وحي .
- قال عليه السلام ( استعينوا على قضاء الحوائج بكتمانها فإن كل ذي نعمة محسود ) .
- آية 10 : لا تقتلوا يوسف أي لا يؤدي بكم بغضه إلى قتله و لم يكن لهم سبيل إلى قتله لأن الله مقدر له أن يكون نبيا و أن يكون له التمكن ببلاد مصر
و الحكم بها فصرفهم الله عن قتله مقالة أحد إخوته بأن يلقوه في غيابة الجب أي أسفله .
- آية 11 : هذه توطئة و دعوى و هم يبطنون الوقيعة حسدا منهم لأخيهم .
- آية 19 : و أسروه بضاعة أي و أسره الواردون من بقية السيارة و قالوا اشتريناه و تبضعناه من أصحاب الماء مخافة أن يشاركوهم فيه إذا علموا خبره .
و فيه تعريض للرسول محمد صلى الله عليه و سلم بأنه عالم بأذى قومه له و ستكون العاقبة له كما كانت ليوسف عليه السلام .
- آية 30 : الشغف الحب القاتل .
- روي في الحديث الصحيح عن الإسراء ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر بيوسف عليه السلام في السماء الثالثة قال " فإذا هو قد أعطي شطر الحسن " )
- آية 41 : لم يعين يوسف عليه السلام كل واحد على حدة لئلا يحزن ذاك و لهذا أبهمه في قوله  " و أما الآخر" .
- روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه و سلم ( الرؤيا على رجل طائر مالم يتغير فإذا عبرت وقعت ) .
-آية 55 : يجوز للرجل مدح نفسه إذا جَهُل أمره للحاجة .
- آية 101 : كان ابن عباس يقول : ما تمنى نبي قط الموت قبل يوسف عليه السلام و لكن هذا لا يجوز في ملتنا .
- إذا كانت فتنة في الدين فيجوز سؤال الموت كما ورد على لسان السحرة مع فرعون قولهم ( قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا و توفنا مسلمين ) .
- آية 109 : من أهل القرى المراد بالقرى المدن لا أنهم من أهل البوداي الذين هم من أجفى الناس طباعا و أخلاقا .

ق :

آية 3 : اختلف العلماء لم سميت هذه السورة أحسن القصص من بين سائر الأقاصيص فقيل : لأنه ليست قصة في القرآن تتضمن من العبر و الحكم ما تتضمن
هذه القصة و قيل سماها أحسن القصص لحسن مجاوزة يوسف عن إخوته و صبره على أذاهم و عفوه عنهم - بعد الالتقاء بهم - عن ذكر ما تعاطوه و كرمه
في العفو عنهم حتى قال ( لا تثريب عليكم اليوم ) .
آية 10 :" قال قائل منهم " القائل هو يهوذا و هو أكبر ولد يعقوب قاله ابن عباس و قيل روبيل ابن خالته الذي قال : لن أبرح الأرض و قيل شمعون .
*" يلتقطه بعض السيارة " لأن بعض السيارة سيارة .
*" في الآية ما يدل على إخوة يوسف ما كانوا أنبياء لا أولا و لاآخرا لأن الأنبياء لا يدبرون في قتل مسلم بل كانوا مسلمين فارتكبوا معصية ثم تابوا .
*قال ابن وهب قال مالك : طرح يوسف في الحب و هو غلام و كذلك روى ابن القاسم عنه يعني أنه كان صغيرا و الدليل قوله تعالى " لا تقتلوا يوسف و ألقوه
في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة " قال و لا يلتقط إلا الصغير .
* الالتقاط تناول الشيء من الطريق  ومنه اللقيط و اللقطة .
- آية 31 : فلما سمعت بمكرهن أي بغيبتهن إياها و احتيالهن في ذمها و قيل أنها أطلعتهن و استأمنتهن فأفشين سرها فسمى ذلك  مكرا .
-آية 55 : اجعلني على خزائن الأض ومما فيها : قال بعض أهل العلم في هذه الآية ما يبيح للرجل الفاضل أن يعمل للرجل الفاجر و السلطان الكافر
بشرط أن يعلم أنه يفوض إليه في فعل لا يعارضه فيه فيصلح منه ما شاء , و أما إذا كان عمله بحسب اختيار الفاجر و شهواته و فجوره فلا يجوز ذلك .
* و فيها جواز أن يطلب الإنسان عملا يكون له أهلا .
تم بحمد الله و اللقاء مع سورة الرعد إن شاء الله .

Comments (0)