قلت أنا سعيد النعسان أن أحكي لكم حالتي لعل الله أن يفرجها على يدي قارئ حكيم و و اعظ فهيم يُشهر الحكمة و يُبصر البصيص من نور المظلمة .
...
و أعتدتْ لي متكئا بين أحضان حرفها الغجري,فحركتْ تائه الأشواق , ونفضتْ غبرة الأحداقْ 
 فرفرفتْ بالسعادة روحي , وأمطرتْ سمائي, فاحتضنتُ الحُب عشقا و لثمتُ الشوق عطرا 
 و بينا أنا في السهو غافل وللبهاء راغب ومماطل, إذ قرع القلب قرعٌ شديدٌ أوقعني , و باتت نسمات الهواء تهرب لا تطلبني  
فولولتُ وهلهلتُ و أيقنتُ باللانجاة , و ما لبثتُ إلا قليلا حتى سمعت لنبضها أزيزا و لدمعها شيئا عزيزا , فانطفأت شمعة داري 
 وتيقنتْ أسراري و تبلدت نبضاتي , فقد كان حبيبها سواي , و غايتها مناه لا مناي , وقد فضحها ذاك الوجع وافتضحها 
 و البعد عني ألبسها فقلتُ رحمك الله ( فالحقي بدار أبيك معززة مكرمة) , فلستُ إلا طالب ضاع مطبوبه ومطلوبه واغتنم عذاله و السلام.

فأجابتني بحذاقة و فطنة :
ما أجمل نظم رجولتك , وما أشهى جمال بضاعتك , كنت لي شيئا عزيزا , و طعما فريدا 
في سرادق الحياة كنا الشريكين , و عبرهما اقتسمنا اللقمتين , محونا عطش أرواحنا بشربتين ,و امتطينا صهوة الأحلام .
في قلبي كان  لك المتكأ , و في عيني كانت أحلامك و أمانيك , و على دروب خطوك كنت أفرش الورود لك و أستقبل الأذى عنك .
قرعتك مرات فما وجدت غير قلب ساهٍ لاه ٍلا يطلب إلا حاجة يسد بها منافذه , و يُسكن بها مواجعه , في وقت فلتت منك أوتاري
فما وجدت عزفا و لا نظما و لا سمعت طربا , و لم ترقص حروفي شوقا و غفت في حلم ثملت فيه منذ سابق الأزل .
و إذ قررت هذا الهناء لقلبي ( فسألحق بدار أبي ) تحفني العزة و المكرمة و تلوح لي أنامل الشوق التي سترسلها معي 
فأنا مدركة كمَّ الشوق بقلبك و واعية لطلبك و لكني متوجعة من سوء فهمك و قصور إدراكك عن عالم الأنثى .
 و لتعلم أني كنز قد فقدتَه و عطر ستشتاقه و زهرة قد قطفت َ بتلاتها و هتكت أنسجتها فطارت عذوبتها مع عطرها و ما تبقى 
لك غير الأحلام ..و بعد هذا لك كل السلام 

Comments (0)