" بروا أبناكم "
كثيرا ودائما و أبدا نطالب بالبِّر من الأبناء و نتحدث عنه كواجب شرعي عليهم و هو باب رحمة وضعها الله لبني الانسان وسلما يرتقون به في الخير .
 ولكن ثمة  وجه آخر للبر بالآباء لا يأتي إلا عندما نغرس هذه الصفة في الأبناء , ونعلمهم ماهية البر منذ نعومة أظفارهم ليس حديثا ونصحا ولكن برا بهم ...فهل ترون أنكم تبرون أبنائكم !?
يتضح البر بالأبناء من لحظة الحمل بهم والتقاء النطف , فلو تفكرنا في حديث الرسول الصحيح الذي رواه ابن عباس ( لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال : باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان ، وجنب الشيطان ما رزقتنا ، 
فإنه إن يقدر بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا ) , و قوله لم يضره الشيطان  تظهر فيه  بداية طلب الهداية لهم قبل أن ينغرسوا .
وهذا سر عظيم فيه حسن تخطيط  و تدبير لحال هذا المرغوب في إنجابه و تمهيد السبل بإبعاد الشيطان عنه  , ثم إذا ما أشرق نور الوليد  ارتقى البِر به , فمن بره حُسْن تسميته والعَقِ عنه اقتداء بالنبي عليه السلام .
و في باب التسمية الحسنة دفع لهذا المولود لمستقبل تحيطه الآمال و تشرق به معاني اسمه الجميل و تدفعه بلا قصد نحو مدارك راقية في حياته .
 و لكن حينما ينتقي الوالدان اسما كريها أو منفرا أو شاذا أو مما يستحى منه فهما يضعان أول عقبة في طريق برهم بمولودهم .
ومما أذكر من زميلات الدراسة ممن يستحين من ذكر أسمائهن كــ( صفراء_ جرادة_ رمانة _ سريعة _ قطنة_ مشعاء .....الخ ) و كأن والد صفراء قد عدم أسماء الشخوص ففر إلى الألوان ! 
أو والد جرادة التي قَبّح حالها باسم تعتبره شتما و إهانة  ! و أما رمانة وموزة و أسماء الفواكه فكأني بمن سمى يضع شهيته نصب عينيه ! في حين كانت سريعة مصابة بإحباط من اسمها حتى غدت بطيئة كالسلحفاة !.
فالاسم غالبا ينعكس أثره على الروح فلا أجمل من حسن الأسماء و أوضحها معنى و أكثرها دفعا للروح الناشئة نحو مطابقة الاسم للمعنى دون توجيه لها .
و يكبر الأبناء وتزداد مسئولية البِّر بهم و الإحسان في التربية وإعانتهم على الحياة وتعليمهم والوصول معهم بالصداقة و اللعب و الترفيه الحلال و الاقتراب حد شغاف قلوبهم وليس بالأوامر المستعلية  التي تبعدهم عن مسار الود.
كما يكون للعاطفة الدافئة و الحضن و التقبيل لهم ما يعين على لمِّ شتاتهم و الوصول بهم لشاطئ الراحة و استغنائهم عن البديل في هذا الزمن الذي طغت فيه المغريات , و بدل أن يلجأ الأبناء لحب زملاء المدرسة أو المعلمين أو غيرهم من العلاقات 
الغير صحيحة بحثا عن جوع يسدوه يكون الوالد الرحيم و تكون الأم العطوفة .
ومما يندى له الجبين قسوة بعض الأهل ممن لا يقبلون أبناؤهم و لا يعرفون إلى ذلك طريقا  و لنا في رسولنا أسوة حسنة .
كما يكون من البر بهم تعوديهم على تقديم المساعدة و الإحسان للوالدين ذاتهم بطلب أمور هينة عليهم و إشعارهم بالمسئولية و أنهم كفء و لهم أهميتهم في حياة الوالدين خصوصا , كما لا يفوت الدعاء لهم بظهر الغيب و الدعاء لهم 
جهرا أمامهم لتذكيرهم أبدا بأننا لا نرجو لهم إلا الصلاح لا نبتغي إلا و جه الله و أداء الأمانة و حينها  سينبت الإكرام لوالديهم في ذواتهم وتنمو شجرة البِّر فتؤتي أكلها في يوم حاجة الوالدين .
بروا أبنائكم يبروكم ...وأحسنوا إليهم فرضا يحسنوا لكم برا وطاعة ...و اقتربوا من صغار أفكارهم واستمعوا منصتين لا موجهين فقط ...تعاملوا باللعب والمرح والجد والهمة ...
و تذكروا  يجب أن يحبكم أبنائكم حقا لا خوفا من عقاب أو ابتعادا عن ضجة أو صمتا يقود للانتقام والعقوق .
أبنائكم بذرتكم فأحسنوا الأرض والحرث والتشذيب .

Comments (4)

On 6 سبتمبر 2012 في 1:58 ص , غير معرف يقول...

ماشاء الله عليك كما العاده

تغردي فوق الجميع ولم تلتفتي للخلف

رمح النار

 
On 6 سبتمبر 2012 في 11:27 ص , الأديبة / فاطمة البار يقول...

مرحبا بك يارمح النار ..عودة حميدة لنسايم
سعيدة جدا بإطلالتك .

 
On 10 سبتمبر 2012 في 1:00 ص , ام روان يقول...

كلام حميل ورائع وهذه حقيقة على الاباءان يكونوا بينهم وبين الابناء الحوار والانصات وليس القاء الاوامر

 
On 10 سبتمبر 2012 في 10:48 ص , الأديبة / فاطمة البار يقول...

مرحبا بك أم روان ..
التربيةالصحيحة جزء من مسئولية كبيرة تقع على كاهل الأبوين , و النجاح في الوصول لها .