وفي يوم طفل من أيام شقاوتي زرتُ مكانا قيل لي أنه مدرسة و قد رأيته أشد علي من سجون النصارى في الأندلس ! لكن ألا تقفون

كيف عرفت الأندلس وما حل بها بعد ضياعها من أيدي المسلمين وأنا طفلة لم تجاوز بعض الساعات في الحياة ! ذاك أني كنت مولعة

أشد الولع بما يسمى الأندلس أو ما يسمونها اليوم إسبانيا لكن أصمم على الاسم الأول

فكنت أنظر لثيرانهم تُطادر الخرقة الحمراء بغباء فأضحك لم تفعل هذا ؟ وظل السؤال قابعا في نفسي حتى بلغت الرشد و عرفت أن

العالم ملئ بالثيران التي تحب اللون الأحمر بأي شكل كان سائلا أو صلبا .

وقد أذكر من قديم عهدي و سالف وقتي قصتي مع الثوب الاسباني الذي ترتديه النسوة ويتراقصن على "الفلامنغو " بخيلاء و رقة

وقد كنت أحسبني أكثر جدارة وأقوى مهارة في الرقصة منهن , وغرر بي كثر المدح و التصفيق بحرارة لبعض الغباء الذي كان

يعتريني , و لا أراني إلا استطردت من المدرسة والخوف من سجنها إلى أندلسي التي أعشق .

و لكم وقفت على قصص الأندلس وبكيت حضارة و عمرانا و علما و فنا , و لكن ما لدمعي من سبيل يجري به إلا بعض الريالات

تجبرني فتُعطى لي حتى أشتري الحلوى من مقصف مدرستي الذي قصف جيب والدي في ذلك الوقت البعيد فكل يوم مزيد و كل حلوى

أريد .

بقيت أحملق في زماني لاأخاف من أي مدرسة قالوا أنها بناء للجيل !! يوما ما تقدمت بعد أن نكزني والدي الحبيب متعني الله به

ودفعني للداخل حيث الصخب يعلو والوجوه تتباين و الكل يجري و البعض يبكي و يشكي فقررت أن ألم حزني حتى وقت آخر فلا حل

سوى أن أقف في الطابور و أغرد , ثم أمدد يدي وأتريض لأتسابق و قد أقع مما يحمله عمود ظهري من ثقل قارب نصف وزني أو

زاد .

عبر بي ذلك الطيف لما زرت مدرسة صغيرتي فلما التقت عينانا بسرور بكت وتصاعدت شفتها السفلى بحشو حروفها لتعلو وتخرج

عن إطارها فظننت أن بها خطبا ولما استفسرت وجدت الشوق وقد غلفه " الدلع" و شممتُ عطر الطفولة وقد أدركتُ "الهرم"

فأمسكت بقبضتها الصغيرة و قبلتها و قلت هيا ...

فلا وقت فقد ضاع الأندلس ولكنه سيعود .












Comments (0)