نُغلق أستار يقظتنا و بعض حسنا فننتقل لعالم مليء بما لا يخطر على بال ,و نرى ما لا نتوقع و نقابل من الأحياء و الأموات من نعرف

ومن نجهل .

قد يعتبره البعض سخافة أن نتذكر هذه الرؤى أو أن نقصها وقد يؤمن به البعض الآخر إيمانا شديدا يكاد يُسيره في حياته ويكون

البعض الموفق بينهما وسطا .

ورد ذكر الرؤيا في القرآن في مواضع لعل أشهرها رؤية نبي الله يوسف " إني رأيت أحد عشر كوكبا " ورؤية العزيز " إني أرى

سبع بقرات ..الخ " ورؤية صاحبيّ السجن " إني أراني أحمل خبزا ...الخ " " إني أراني أعصر خمرا " , و رؤية الخليل إبراهيم

عليه السلام " إني أرى في المنام أني أذبحك ..الخ "

وقد امتلأت السنة النبوية بالكثير من قصص الرؤى والأحلام و كانت محل اهتمام من نبينا عليه الصلاة والسلام حتى كان يسأل

أصحابه من رأى منكم اليوم رؤية ؟

وإذ ذاك فلا بد أن لهذه النقلة الروحية التي نعيشها في المنام سرا خفيا ولطفا ربانيا و حكمة من الله و قد أخبر النبي أنها جزء من

ستة وأربعين جزء من النبوة و أنها تصدق للمؤمن في آخر الزمان وتكون سلوانا له .

بيد أن الأمر لا يجب أن يُؤخذ بالصرم في تقرير مصير أو الجزم بوقوع حدثٍ أو يُبنى عليه حكم شرعي جديد , فلا تعدو الأحلام أن

تكون مؤنسةً في وحشةٍ أو منبهةً في غفلةٍ أو واعظةً في تيهٍ أو محذرةً من شرٍ و ما تجاوز هذا فهو من تلاعب الشيطان و تداخل

الأمور المعاشية وتشعب التفكير في بعض منها .

تُؤثر الرؤيا أو الحُلم نفسيا على الرائي إن سمح لنفسه بذلك و قد تُدركه من الرهبة التي لا تنبغي وتناله بسبب سوء فعله .

عند النوم تُحلق الروح لتلتقي بأرواح الأحياء و الأموات وتقابل و تتجانس و تتنافر و تعيش اللاواقع و تسبح في اللامحدود بقدرة

الله , وقد ترتقي الروح لتقابل أرواح الأنبياء أو الملائكة أو تستمع لنداءات معينة و قد تُدرك أرواح الصالحين الفائتين وتكون مؤنسة

حينها محلقة بروعة الأرواح التي تقابل .

بيد أن الأمر يختلف حين تقابل الأرواح الشريرة أو الشيطانية و تجد من سوء مقابلتها في الحلم الكثير ليستيقظ الجسد على خوف

وهلع .

سرٌ عظيم لهذه الأرواح قد لا تُفهم معانيها حين تكون رموزا عجيبة أو معينة دقيقة إلا لذي علم .

يكون التفسير للرؤى الطيبة من أهل الصلاح والاختصاص أو بمن أدركهم الله بفضله ومنحهم الاستطاعة على فهم الألغاز التي يراها

النائم , وأما تلك الأحلام التي تقذف بالمرء أو تتلاعب به فلا تذكر بل يتعوذ الرائي منها ويتفل على يساره وينقلب من جنبه ذاك و لا

يحزن فإنها لا تضره و لا يذكرها لأحد .

و من العجيب أن يجعل البعض تلك الأحلام مسيطرة فتراهم يخوضون فيها باحثين عن معنى لحلمهم عند هذا وذاك و يتواصلون بكل

الطرائق الممكنة لهم في هذا العصر السريع الذي قربت التقنية بين البشر و مكنت الكثير من التأويل وجرأت البعض على هذا العلم

حتى خنقوا جماله ببعض فلسفتهم فيمسك أحدهم أي كتاب للتفسير ويقرأ ما فيه ثم يبدأ بنسج دجله على الرائي دون انتباه للعلم و

الحلم و مدى تحقق بعض التأويلات .

يكون ظاهر بعض الرؤى مثيرا ومخيفا بينا هو في التعبير مجاز عن شئ .لأضرب مثالا فعند رؤية الشخص لنفسه ميتا أو محمولا

على نعش فحاله هو الخوف عند اليقظة بينما قد يتجاوز المعنى ذلك فالموت تعبير عن انتقال من حال إلى حال وقد يكون هذا الانتقال

هو المعنى فقد يدخل فيه الزواج و هو انتقال من حالة لحالة وقد يدخل فيه تغيير الحال أو الموضع أو الكثير من الفرج والفرح الذي

يحل في حياة الرائي .

وقد يكون لبعض الأحرف في مضمون الحلم معاني فيؤخذ من رؤية أشخاص باسم طيب معاني طيبة و يُستدل على حيوانات أو أدوات

على معاني أخرى ويبقى الموضوع كبيرا عميقا لكن يبقى التعلق بالله وحسن الظن به والتوكل عليه و عدم التعلق بتلك المنامات بشدة

ما يُربك الحياة ولننظر للمستقبل بعين الرضا عن الله  و الطمع في الخير كله , ومن الطريف ما يُع ف من نسبة كتاب تفسير الأحلام

الكبير لابن سيرين و نسبة هذا العلم له رغم أن الكتاب ليس له ولم يقم ابن سيرين العالم بتصنيف مؤلف خاص في علم التفسير إنما

جمع من بعده ونسب له وقد قيل أن الكتاب ينسب للامام العالم عبدالملك النيسابوري والله تعالى أعلم و أجل .


Comments (6)

On 27 فبراير 2012 في 12:40 م , لولي يقول...

موضوع جدا رائع فالاحلام عالم غريب وعجيب وهناك من يحلم واحلامه دائه الحدووث سبحان الله

المهم ان لانجعل الحلم يؤثر بحياتنا فلكل شيء مكتوب ومقدر لنا منذ زمن

 
On 27 فبراير 2012 في 5:41 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

اهلا لولي
نعم عالم مذهل بغرابته مدهش بكل تنفاصيله
لروحك السعادة

 
On 11 مايو 2014 في 11:12 م , Unknown يقول...

كلامك رائع ولكن انا من ضمن من يبحث عن التفسير ويعير الاحلام اهتماما وخاصتا ان احلامي تتحقق وكل احلامي وحشه وتتحقق احلم بفاران تاكل في جسدي وثعابين وقمل امي تخرجه من راسي واني كنت حامل واجهط وكنت ابكي بمنامي وانا لست متزوجه اصلا احلام كتير من هذا القبيل وتتحقق جزء كبير منها

 
On 11 مايو 2014 في 11:35 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

أهلا بك إيمان ..
الأحلام مبشرات لكن يا عزيزتي لا تقصيها إلا على محب و عندما تحلمين بشئ سيء فاستعيذي بالله و لا تذكريه أو تفسريه
أمنيتي لك بأحلام جميلة

 
On 19 أبريل 2015 في 10:53 م , غير معرف يقول...

الاحلام مخيفه واحيانا حلوه واحيانا مرعبه بتمنا لو ما بحلم

 
On 30 أبريل 2015 في 8:40 ص , الأديبة / فاطمة البار يقول...

الحلم الشئ الوحيد الذي ينقلنا لعوالم أخرى ، رغم تنوعه لكن يبقى المميز .
شكرا