ومن كريم العيش أن تنال لقمةً هانئة وبيتاً يؤيك ولو كان أرض حصير تقضي به فتات حياتك حتى توافيك المنية وتريح العالم من

الأنفاس التي تشاركهم فيها ولكن الإكرام لك يمتد حتى تُوارى الثرى و حتى تَطعم دود الأرض من جسدك الطاهر , و لكن تأبى بعض

القلوب العصية على الشيطان ذاته أن ترق وقت هذه اللحظات الوداعية فتقف حجر عثرة أمام جثامين لا تدفن إلا بواسطة في مقبرة

وتخصص مقابر للجثامين العفنة التي عاشت ذليلة في غير بلدها وماتت أذل لتدفن في أرض لا يُعمق جرفها لتخرج الروائح بعد أيام

وهذا مما زِيد في الكرامة الانسانية في البلاد العربية, ولما قضت الحاجة أن يكرم المرء ميته فقد اضطر البعض مجبرون لا أبطالا

على دفع وريقات لحارس المقبرة تسد جوع جشعه حتى يوفر قبرا جيدا و يسمح لدخول الجثمان و يزور تقريرا بما يسهل الأمر

وهنا تحذلقت وقلت سأبدأ في تحويش مبلغ كاف وأخبئه بين ثتايا الوصية المتهكتة حتى يُسر من بعدي بالمال الذي سيعين على دفني

وإن أدركني الموت قبلُ فذنبهم على جنبهم وليس على جنبي الذي فقد الاحساس .

ولنعد لبقية الحياة حيث الولع والوله والصبوة والمقة والشغف والجوى والفتون والخبل وكل ما عرفنا من معاني الحب البائس الذي

ظنته الجميلات حياة لقلوبهن وبادلنه لمعلمات غبيات حمقاوات تزين وتطيبن و افتعلن حركات ظنوها رقة , وتطلعت مداركهن عن

غاية التعليم الأساسي إلى كيفية جذب الطالباتو لفت انتباههن للاعجاب حتى أصاب العفن قلوب المعلمة والطالبة و صارت النظرة

تشيج بالمشاعر وتفيض بماء القلب وتحلق بالاثنتين في عالم الخبل .

ووالله لو وُليت ادارة مثل هذه المدراس لفعلت العجب بمثل أولئك العابثات بمشاعر البنات حيث لم يشبع أنوثتهن كمُّ الرجال و أشباه

الرجال الذين يسكنون معهن وتلك نقلة خاصة سأتعرض بحذلقة و وحماقة أخرى في يوم ما لها , علّ ربي أن يجبر مصاب الحزن في

قلوب تتلفت باسم الحب في البيت والمدرسةو تحت الترب حيث أحبت جوار الصالحين فمنعت من أبسط كرامة لها .

ألقاكم ثانية وأنصحكم بالتعجيل بكتابة الوصية و وضع ريال أو درهم أو جنيه أو دينار ولا يضر الدولار فهو عملة الكبار المهم وضع ذا

قيمة .

ولن تُعدموا الخير فوقت الزنقة سينفع والزنقات كثار .

في وداعة رب العباد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولما باتت وصيتي حزينة فكرت أن أسعى لبعض ما يسرها فقلت لأسطر بعض أمنيات الموتى علي آنس بذلك

فتسابقت مع نفسي التي تتوق للكثير وحيث أن الأمر مسيطر عليه يا كرام ببعض الأحبار فقد كان ما سطرته جميلا ..

قلت ومن أمنياتي بعد موتي ألا يكلف كفني ولا عزائي ولا تجعلوه يوم أنس فتدعوا فيه وتولموا ثم اقبضوا هذه النقود المبعثرة على

المعزيين وادفعوها صدق لي آنس وأفرح لقلبي المتوقف , وعند توسيدي التراب فتذكروا لحظات جميلة قضيتها بينكم ولا ترهقوا

أرواحكم بما أسلفت من طيب المقابر .

فكل أرض الله واحدة لن أفر من شر أو خير ينتظرني و إن كانت بعض أمنية أن تذروا على رؤوسكم التراب حتى تتعظوا وإن كان من

طلب فأن تسمحوا لألسنتكم أن تتوقف دقائق دفني عن ذكر لطائف الدنيا وأخبار البيع والشراء , ثم إذا غادرتموني فأمنيتي أن

تمنحوني عشر دقائق فقط تكثفوا فيها دعائكم فوالله لأنا بحاجة إليه أشد من حاجتي الآن للكتابة وبعد كل أمنية جثمان أنتقل لأمنية

روح أن تظل بينكم بدفئها ولا تكن ذكرى لسنين غابرة .

وقد فاتني الكثير أن أضعه بين دفتي وصيتي فاجعلوه من تلقاء أنفسكم الكريمة وانتظروا جبر مصابكم فيّ إن كان هناك مصاب أصلا ,

ثم وزعوا ما بدا لكم ولا تناجشوا ولاتباخسوا و لا يظلم بعضكم بعضا فلا شيء أهون على الله من هذه الدنيا .

وبعد أن سجلت  , بصمت بتوقيعي ونقشة ابهامي غشتني سحابة من الكرب فنحن في زمن لا أمان حتى للوصايا من التزوير .




























Comments (2)

On 21 فبراير 2012 في 11:16 م , وفاء يقول...

كلمات رائعة
اسألي الله ان يحفظ وصيتك فما قلت(فنحن في زمن لا أمان حتى للوصايا من التزوير )

 
On 22 فبراير 2012 في 12:55 م , الأديبة / فاطمة البار يقول...

حفظك الله يا وفاء وبلغنا وإياك المزيد من فضله وكرمه .